مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
فارسی
دلیل المکتبة
بحث متقدم
مجموع المکاتب
الصفحة الرئیسیة
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
جميع المجموعات
المؤلفین
علوم القرآن
التجويد والقراءات
التفاسير
جميع المجموعات
المؤلفین
مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
««اول
«قبلی
الجزء :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
اسم الکتاب :
تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر
المؤلف :
الطبري، أبو جعفر
الجزء :
1
صفحة :
733
خطبة الكتاب
3
القول في البيان عن اتفاق معاني آي القرآن ومعاني منطق من نزل بلسانه من وجه البيان والدلالة على أن ذلك من الله جل وعز هو الحكمة البالغة، مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين القرآن سائر الكلام. قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله: إن من عظيم نعم
8
القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم قال أبو جعفر: إن سألنا سائل، فقال: إنك ذكرت أنه غير جائز أن يخاطب الله أحدا من خلقه إلا بما يفهمه، وأن يرسل إليه رسالة إلا باللسان الذي يفقهه، فما أنت قائل فيما
13
القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب قال أبو جعفر: قد دللنا على صحة القول بما فيه الكفاية لمن وفق لفهمه، على أن الله جل ثناؤه أنزل جميع القرآن بلسان العرب دون غيرها، من ألسن سائر أجناس الأمم، وعلى فساد قول من زعم أن منه ما ليس بلسان العرب
20
القول في البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة "، وذكر الأخبار المروية بذلك قال أبو جعفر: اختلفت النقلة في ألفاظ الخبر بذلك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
62
القول في الوجوه التي من قبلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن قال أبو جعفر: قد قلنا في الدلالة على أن القرآن كله عربي، وأنه نزل بألسن بعض العرب، دون ألسن جميعها، وأن قراءة المسلمين اليوم ومصاحفهم التي هي بين أظهرهم، ببعض الألسن التي نزل بها القرآن دون
67
ذكر بعض الأخبار التي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي
71
ذكر بعض الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن ومن كان يفسره من الصحابة
74
ذكر بعض الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن
78
ذكر الأخبار عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير ومن كان منهم مذموما علمه بذلك
84
القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه قال أبو جعفر: إن الله تعالى ذكره، سمى تنزيله الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أسماء أربعة: منهن القرآن، فقال في تسميته إياه بذلك، في تنزيله: نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن
89
القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب قال أبو جعفر: صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
105
القول في تأويل الاستعاذة
109
تأويل قوله: أعوذ قال أبو جعفر: والاستعاذة: الاستجارة، وتأويل قول القائل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أستجير بالله دون غيره من سائر خلقه من الشيطان، أن يضرني في ديني، أو يصدني عن حق يلزمني لربي
109
تأويل قوله: من الشيطان قال أبو جعفر: والشيطان في كلام العرب، كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء، وكذلك قال ربنا جل ثناؤه: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن فجعل من الإنس شياطين، مثل الذي جعل من الجن
109
تأويل قوله: الرجيم وأما الرجيم فهو فعيل، بمعنى مفعول، كقول القائل: كف خضيب، ولحية دهين، ورجل لعين، يريد بذلك: مخضوبة، ومدهونة، وملعون؛ وتأويل الرجيم: الملعون، المشتوم. وكل مشتوم بقول رديء أو سب، فهو مرجوم وأصل الرجم: الرمي بقول كان أو
110
سورة الفاتحة
111
بسم الله الرحمن الرحيم القول في تأويل بسم قال أبو جعفر: إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه، أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله، ومقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته، وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه
111
القول في تأويل قوله تعالى: الله قال أبو جعفر: وأما تأويل قول الله: " الله "، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس: هو الذي يألهه كل شيء، ويعبده كل خلق. وذلك أن أبا كريب
121
القول في تأويل قوله تعالى: الرحمن الرحيم قال أبو جعفر: أما الرحمن، فهو فعلان، من رحم، والرحيم فعيل منه. والعرب كثيرا ما تبني الأسماء من فعل يفعل على فعلان، كقولهم من غضب غضبان، ومن سكر سكران، ومن عطش عطشان، فكذلك قولهم رحمن من رحم، لأن فعل منه
124
القول في تأويل فاتحة الكتاب الحمد لله رب العالمين قال أبو جعفر:
135
معنى الحمد لله الشكر خالصا لله جل ثناؤه دون سائر ما يعبد من دونه، ودون كل ما برأ من خلقه، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ولا يحيط بعددها غيره أحد، في تصحيح الآلات لطاعته، وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه، مع ما بسط لهم في
135
القول في تأويل قوله تعالى: رب قال أبو جعفر: قد مضى البيان عن تأويل اسم الله الذي هو الله في بسم الله، فلا حاجة بنا إلى تكراره في هذا الموضع. وأما تأويل قوله رب، فإن الرب في كلام العرب متصرف على معان: فالسيد المطاع فيها يدعى ربا، ومن ذلك قول لبيد
141
القول في تأويل قوله تعالى: العالمين قال أبو جعفر: والعالمون جمع عالم، والعالم جمع لا واحد له من لفظه، كالأنام والرهط والجيش ونحو ذلك من الأسماء التي هي موضوعات على جماع لا واحد له من لفظه. والعالم اسم لأصناف الأمم، وكل صنف منها عالم، وأهل كل قرن
144
القول في تأويل قوله تعالى: الرحمن الرحيم قال أبو جعفر: قد مضى البيان عن تأويل قوله الرحمن الرحيم، في تأويل بسم الله الرحمن الرحيم، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. ولم يحتج إلى الإبانة عن وجه تكرير الله ذلك في هذا الموضع، إذ كنا لا نرى أن بسم
147
القول في تأويل قوله تعالى: (ملك يوم الدين) قال أبو جعفر: القراء مختلفون في تلاوة (ملك يوم الدين) ، فبعضهم يتلوه: (ملك يوم الدين) وبعضهم يتلوه: مالك يوم الدين وبعضهم يتلوه: (مالك يوم الدين) بنصب الكاف. وقد استقصينا حكاية الرواية عمن روي عنه
149
القول في تأويل قوله تعالى: يوم الدين قال أبو جعفر: والدين في هذا الموضع بتأويل الحساب والمجازاة بالأعمال، كما قال كعب بن جعيل: إذا ما رمونا رميناهم ودناهم مثل ما يقرضونا وكما قال الآخر: واعلم وأيقن أن ملكك زائل واعلم بأنك ما تدين تدان يعني ما تجزي
157
القول في تأويل قوله تعالى: إياك نعبد وإياك نستعين قال أبو جعفر: وتأويل قوله: إياك نعبد لك اللهم نخشع ونذل ونستكين إقرارا لك يا ربنا بالربوبية لا لغيرك. كما
159
القول في تأويل قوله تعالى: وإياك نستعين قال أبو جعفر: ومعنى قوله: وإياك نستعين وإياك ربنا نستعين على عبادتنا إياك وطاعتنا لك وفي أمورنا كلها، لا أحد سواك، إذ كان من يكفر بك يستعين في أموره بمعبوده الذي يعبده من الأوثان دونك، ونحن بك نستعين في جميع
160
القول في تأويل قوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم قال أبو جعفر: ومعنى قوله: اهدنا الصراط المستقيم في هذا الموضع عندنا: وفقنا للثبات عليه، كما روي ذلك عن ابن عباس
165
القول في تأويل قوله تعالى: الصراط المستقيم قال أبو جعفر: أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعا على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب؛ فمن ذلك قول جرير بن عطية الخطفي: أمير المؤمنين على صراط إذا أعوج
170
القول في تأويل قوله تعالى: صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
176
وقوله صراط الذين أنعمت عليهم إبانة عن الصراط المستقيم، أي الصراط هو إذ كان كل طريق من طرق الحق صراطا مستقيما؟ فقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد: اهدنا يا ربنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، بطاعتك وعبادتك من ملائكتك، وأنبيائك،
176
القول في تأويل قوله تعالى: غير المغضوب عليهم قال أبو جعفر: والقراء مجمعة على قراءة غير بجر الراء منها. والخفض يأتيها من وجهين: أحدهما أن يكون غير صفة للذين ونعتا لهم فتخفضها، إذ كان الذين خفضا وهي لهم نعت وصفة؛ وإنما جاز أن يكون غير نعتا لالذين،
180
القول في تأويل قوله تعالى: ولا الضالين قال أبو جعفر: كان بعض أهل البصرة يزعم أن لا مع الضالين أدخلت تتميما للكلام والمعنى إلغاؤها، يستشهد على قيله ذلك ببيت العجاج: في بئر لا حور سرى وما شعر ويتأوله بمعنى: في بئر حور سرى، أي في بئر هلكة، وأن لا
190
سورة البقرة
204
القول في تأويل قوله تعالى الم قال أبو جعفر: اختلفت تراجمة القرآن في تأويل قول الله تعالى ذكره: الم فقال بعضهم: هو اسم من أسماء القرآن
204
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين
228
قال عامة المفسرين: تأويل قول الله تعالى: ذلك الكتاب هذا الكتاب
228
القول في تأويل قوله تعالى: لا ريب فيه وتأويل قوله: لا ريب فيه لا شك فيه،
231
القول في تأويل قوله تعالى: هدى
233
القول في تأويل قوله تعالى: للمتقين
237
القول في تأويل قوله تعالى. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون
240
القول في تأويل قوله تعالى: بالغيب
241
القول في تأويل قوله تعالى: ويقيمون إقامتها: أداؤها بحدودها وفروضها والواجب فيها على ما فرضت عليه، كما يقال: أقام القوم سوقهم، إذا لم يعطلوها من البيع والشراء فيها، وكما قال الشاعر: أقمنا لأهل العراقين سوق الض ضراب فخاموا وولوا جميعا
247
القول في تأويل قوله تعالى: الصلاة
248
القول في تأويل قوله تعالى: ومما رزقناهم ينفقون اختلف المفسرون في تأويل ذلك، فقال بعضهم بما
249
القول في تأويل قوله تعالى: والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون قد مضى البيان عن المنعوتين بهذا النعت، وأي أجناس الناس هم. غير أنا نذكر ما روي في ذلك عمن روي عنه في تأويله قول
250
القول في تأويل قوله تعالى: وبالآخرة هم يوقنون قال أبو جعفر: أما الآخرة، فإنها صفة للدار، كما قال جل ثناؤه: وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون وإنما وصفت بذلك لمصيرها آخرة لأولى كانت قبلها كما تقول للرجل: أنعمت عليك مرة بعد أخرى فلم تشكر
251
القول في تأويل قوله تعالى: أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله جل ثناؤه بقوله: أولئك على هدى من ربهم فقال بعضهم: عنى بذلك أهل الصفتين المتقدمتين، أعني المؤمنين بالغيب من العرب والمؤمنين بما أنزل إلى محمد صلى الله
254
القول في تأويل قوله تعالى: وأولئك هم المفلحون وتأويل قوله: وأولئك هم المفلحون أي أولئك هم المنجحون المدركون ما طلبوا عند الله تعالى ذكره بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله، من الفوز بالثواب، والخلود في الجنان، والنجاة مما أعد الله تبارك وتعالى
256
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون اختلف أهل التأويل فيمن عنى بهذه الآية، وفيمن نزلت
258
القول في تأويل قوله تعالى: سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون وتأويل سواء: معتدل، مأخوذ من التساوي، كقولك: متساو هذان الأمران عندي، وهما عندي سواء؛ أي هما متعادلان عندي. ومنه قول الله جل ثناؤه: فانبذ إليهم على سواء يعني أعلمهم وآذنهم
263
القول في تأويل قوله تعالى: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم وأصل الختم: الطبع، والخاتم: هو الطابع يقال منه: ختمت الكتاب، إذا طبعته. فإن قال لنا قائل: وكيف يختم على القلوب، وإنما الختم طبع على الأوعية والظروف
265
القول في تأويل قوله تعالى: وعلى أبصارهم غشاوة وقوله: وعلى أبصارهم غشاوة خبر مبتدأ بعد تمام الخبر عما ختم الله جل ثناؤه عليه من جوارح الكفار الذين مضت قصصهم، وذلك أن غشاوة مرفوعة بقوله: وعلى أبصارهم فذلك دليل على أنه خبر مبتدأ، وأن قوله: ختم الله
269
القول في تأويل قوله تعالى: ولهم عذاب عظيم وتأويل ذلك عندي كما قاله ابن عباس وتأوله
274
القول في تأويل قوله تعالى: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين قال أبو جعفر: أما قوله: ومن الناس فإن في الناس وجهين: أحدهما أن يكون جمعا لا واحد له من لفظه، وإنما واحده إنسان وواحدته إنسانة. والوجه الآخر: أن يكون أصله أناس
274
وأما تأويل قوله: وما هم بمؤمنين ونفيه عنهم جل ذكره اسم الإيمان، وقد أخبر عنهم أنهم قد قالوا بألسنتهم آمنا بالله وباليوم الآخر؛ فإن ذلك من الله جل وعز تكذيب لهم فيما أخبروا عن اعتقادهم من الإيمان والإقرار بالبعث، وإعلام منه نبيه صلى الله عليه وسلم أن
279
القول في تأويل قوله تعالى. يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون قال أبو جعفر: وخداع المنافق ربه والمؤمنين إظهاره بلسانه من القول والتصديق خلاف الذي في قلبه من الشك والتكذيب ليدرأ عن نفسه بما أظهر بلسانه حكم الله عز وجل، اللازم من
279
القول في تأويل قوله تعالى: وما يخدعون إلا أنفسهم إن قال لنا قائل: أوليس المنافقون قد خدعوا المؤمنين بما أظهروا بألسنتهم من قيل الحق عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم حتى سلمت لهم دنياهم وإن كانوا قد كانوا مخدوعين في أمر آخرتهم؟ قيل: خطأ أن يقال إنهم خدعوا
283
القول في تأويل قوله تعالى: وما يشعرون يعني بقوله جل ثناؤه: وما يشعرون وما يدرون، يقال: ما شعر فلان بهذا الأمر، وهو لا يشعر به إذا لم يدر ولم يعلم شعرا وشعورا، كما قال الشاعر: عقوا بسهم ولم يشعر به أحد ثم استفاءوا وقالوا حبذا الوضح يعني بقوله: لم
285
القول في تأويل قوله تعالى: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون وأصل المرض: السقم، ثم يقال ذلك في الأجساد والأديان فأخبر الله جل ثناؤه أن في قلوب المنافقين مرضا. وإنما عنى تبارك وتعالى بخبره عن مرض قلوبهم الخبر عن مرض ما في
286
القول في تأويل قوله تعالى: فزادهم الله مرضا قد دللنا آنفا على أن تأويل المرض الذي وصف الله جل ثناؤه أنه في قلوب المنافقين: هو الشك في اعتقادات قلوبهم وأديانهم وما هم عليه، في أمر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر نبوته وما جاء به، مقيمون.
289
القول في تأويل قوله تعالى: ولهم عذاب أليم قال أبو جعفر: والأليم: هو الموجع، ومعناه: ولهم عذاب مؤلم، فصرف مؤلم إلى أليم كما يقال: ضرب وجيع بمعنى موجع، والله بديع السموات والأرض بمعنى مبدع. ومنه قول عمرو بن معدي كرب الزبيدي: أمن ريحانة الداعي
291
القول في تأويل قوله تعالى: بما كانوا يكذبون اختلفت القراءة في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: بما كانوا يكذبون مخففة الذال مفتوحة الياء، وهي قراءة معظم أهل الكوفة. وقرأه آخرون: (يكذبون) بضم الياء وتشديد الذال، وهي قراءة معظم أهل المدينة والحجاز والبصرة
293
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية، فروي عن سلمان الفارسي أنه كان يقول: لم يجئ هؤلاء بعد
296
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا إنما نحن مصلحون
299
القول في تأويل قوله تعالى: ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون وهذا القول من الله جل ثناؤه تكذيب للمنافقين في دعواهم إذا أمروا بطاعة الله فيما أمرهم الله به، ونهوا عن معصية الله فيما نهاهم الله عنه. قالوا: إنما نحن مصلحون لا مفسدون، ونحن على رشد
301
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون قال أبو جعفر: وتأويل قوله: وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس يعني: وإذا قيل لهؤلاء الذين وصفهم الله ونعتهم بأنهم يقولون آمنا
301
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء قال أبو جعفر: والسفهاء جمع سفيه، كالعلماء جمع عليم، والحكماء جمع حكيم والسفيه: الجاهل الضعيف الرأي، القليل المعرفة بمواضع المنافع والمضار ولذلك سمى الله عز وجل النساء والصبيان سفهاء، فقال
302
القول في تأويل قوله تعالى: ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى عن المنافقين الذين تقدم نعته لهم ووصفه إياهم بما وصفهم به من الشك والتكذيب، أنهم هم الجهال في أديانهم، الضعفاء الآراء في اعتقاداتهم واختياراتهم التي
304
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون قال أبو جعفر: وهذه الآية نظير الآية الأخرى التي أخبر الله جل ثناؤه فيها عن المنافقين بخداعهم الله ورسوله والمؤمنين، فقال: ومن الناس من
306
القول في تأويل قوله تعالى: إنما نحن مستهزئون أجمع أهل التأويل جميعا لا خلاف بينهم، على أن معنى قوله: إنما نحن مستهزئون إنما نحن ساخرون. فمعنى الكلام إذا: وإذا انصرف المنافقون خالين إلى مردتهم من المنافقين والمشركين قالوا: إنا معكم عن ما أنتم عليه
311
القول في تأويل قوله تعالى: الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون قال أبو جعفر: اختلف في صفة استهزاء الله جل جلاله الذي ذكر أنه فاعله بالمنافقين الذين وصف صفتهم. فقال بعضهم: استهزاؤه بهم كالذي أخبرنا تبارك اسمه أنه فاعل بهم يوم القيامة في قوله
312
القول في تأويل قوله تعالى: ويمدهم قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ويمدهم
318
القول في تأويل قوله تعالى: في طغيانهم قال أبو جعفر: والطغيان الفعلان، من قولك: طغى فلان يطغى طغيانا إذا تجاوز في الأمر حده فبغى ومنه قول الله: كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى أي يتجاوز حده. ومنه قول أمية بن أبي الصلت: ودعا الله دعوة لات هنا بعد
320
القول في تأويل قوله تعالى: يعمهون قال أبو جعفر: والعمه نفسه: الضلال، يقال منه: عمه فلان يعمه عمهانا وعموها: إذا ضل ومنه قول رؤبة بن العجاج يصف مضلة من المهامه: ومخفق من لهله ولهله من مهمه يجتبنه في مهمه أعمى الهدى بالجاهلين العمه والعمه: جمع عامه
322
القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين قال أبو جعفر: إن قال قائل: وكيف اشترى هؤلاء القوم الضلالة بالهدى، وإنما كانوا منافقين لم يتقدم نفاقهم إيمان فيقال فيهم باعوا هداهم الذي كانوا عليه بضلالتهم
324
القول في تأويل قوله تعالى: فما ربحت تجارتهم قال أبو جعفر: وتأويل ذلك أن المنافقين بشرائهم الضلالة بالهدى خسروا ولم يربحوا، لأن الرابح من التجار المستبدل من سلعته المملوكة عليه بدلا هو أنفس من سلعته أو أفضل من ثمنها الذي يبتاعها به. فأما المستبدل من
330
القول في تأويل قوله تعالى: وما كانوا مهتدين يعني بقوله جل ثناؤه: وما كانوا مهتدين ما كانوا رشداء في اختيارهم الضلالة على الهدى، واستبدالهم الكفر بالإيمان، واشترائهم النفاق بالتصديق والإقرار
332
القول في تأويل قوله تعالى: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: وكيف قيل: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا وقد علمت أن الهاء والميم من قوله: مثلهم كناية جماعة من الرجال
332
القول في تأويل قوله تعالى: صم بكم عمي فهم لا يرجعون قال أبو جعفر: وإذ كان تأويل قول الله جل ثناؤه: ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون هو ما وصفنا من أن ذلك خبر من الله جل ثناؤه عما هو فاعل بالمنافقين في الآخرة، عند هتك أستارهم، وإظهاره فضائح
345
القول في تأويل قوله تعالى: فهم لا يرجعون قال أبو جعفر: وقوله: فهم لا يرجعون إخبار من الله جل ثناؤه عن هؤلاء المنافقين الذين نعتهم الله باشترائهم الضلالة بالهدى، وصممهم عن سماع الخير والحق، وبكمهم عن القيل بهما، وعماهم عن إبصارهما؛ أنهم لا يرجعون
348
القول في تأويل قوله تعالى: أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء
350
القول في تأويل قوله تعالى: فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا قال أبو جعفر: فأما الظلمات فجمع، واحدها ظلمة؛ وأما الرعد فإن أهل
356
وذلك تأويل قوله جل ثناؤه: يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت يعني بذلك يتقون وعيد الله الذي أنزله في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بما يبدونه بألسنتهم من ظاهر الإقرار، كما يتقي الخائف أصوات الصواعق بتغطية أذنيه وتصيير أصابعه فيها
375
ثم قال تعالى ذكره كلما أضاء لهم يعني أن البرق كلما أضاء لهم، وجعل البرق لإيمانهم مثلا. وإنما أراد بذلك أنهم كلما أضاء لهم الإيمان وإضاءتهم لهم أن يروا فيه ما يعجبهم في عاجل دنياهم من النصرة على الأعداء، وإصابة الغنائم في المغازي، وكثرة الفتوح،
380
ويعني بقوله: مشوا فيه مشوا في ضوء البرق. وإنما ذلك مثل لإقرارهم على ما وصفنا. فمعناه: كلما رأوا في الإيمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا، ثبتوا عليه وأقاموا فيه، كما يمشي السائر في ظلمة الليل وظلمة الصيب الذي وصفه جل ثناؤه، إذا برقت فيها
380
القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم قال أبو جعفر: وإنما خص جل ذكره السمع والأبصار بأنه لو شاء أذهبها من المنافقين دون سائر أعضاء أجسامهم للذي جرى من ذكرها في الآيتين، أعني قوله: يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق وقوله:
381
القول في تأويل قوله تعالى: إن الله على كل شيء قدير قال أبو جعفر: وإنما وصف الله نفسه جل ذكره بالقدرة على كل شيء في هذا الموضع، لأنه حذر المنافقين بأسه وسطوته وأخبرهم أنه بهم محيط وعلى إذهاب أسماعهم وأبصارهم قدير، ثم قال: فاتقوني أيها المنافقون
384
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون قال أبو جعفر: فأمر جل ثناؤه الفريقين اللذين أخبر الله عن أحدهما أنه سواء عليهم أأنذروا أم لم ينذروا أنهم لا يؤمنون، لطبعه على قلوبهم، وعلى سمعهم وأبصارهم،
384
القول في تأويل قوله تعالى: لعلكم تتقون قال أبو جعفر: وتأويل ذلك: لعلكم تتقون بعبادتكم ربكم الذي خلقكم، وطاعتكم إياه فيما أمركم به ونهاكم عنه، وإفرادكم له العبادة، لتتقوا سخطه وغضبه أن يحل عليكم، وتكونوا من المتقين الذين رضي عنهم ربهم. وكان مجاهد
386
القول في تأويل قوله تعالى: الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون
387
وقوله: الذي جعل لكم الأرض فراشا مردود على الذي الأولى في قوله: اعبدوا ربكم الذي خلقكم وهما جميعا من نعت ربكم فكأنه قال: اعبدوا ربكم الخالقكم، والخالق الذين من قبلكم، الجاعل لكم الأرض فراشا. يعني بذلك أنه جعل لكم الأرض مهادا وموطئا وقرارا يستقر
387
القول في تأويل قوله تعالى: والسماء بناء قال أبو جعفر: وإنما سميت السماء سماء لعلوها على الأرض وعلى سكانها من خلقه، وكل شيء كان فوق شيء آخر فهو لما تحته سماء. ولذلك قيل لسقف البيت سماؤه، لأنه فوقه مرتفع عليه ولذلك قيل: سما فلان لفلان: إذا أشرف له
388
القول في تأويل قوله تعالى: وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم يعني بذلك أنه أنزل من السماء مطرا، فأخرج بذلك المطر مما أنبتوه في الأرض من زرعهم وغرسهم ثمرات رزقا لهم غذاء وأقواتا. فنبههم بذلك على قدرته وسلطانه، وذكرهم به آلاءه لديهم،
390
القول في تأويل قوله تعالى: فلا تجعلوا لله أندادا قال أبو جعفر: والأنداد، جمع ند، والند: العدل والمثل، كما قال حسان بن ثابت: أتهجوه ولست له بند فشركما لخيركما الفداء يعني بقوله: ولست له بند: لست له بمثل ولا عدل. وكل شيء كان نظير الشيء وشبيها فهو
390
القول في تأويل قوله تعالى: وأنتم تعلمون اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية، فقال بعضهم: عني بها جميع المشركين، من مشركي العرب وأهل الكتاب وقال بعضهم: عني بذلك أهل الكتابين: التوراة، والإنجيل. ذكر من قال: عني بها جميع عبدة الأوثان من
392
القول في تأويل قوله تعالى: وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين قال أبو جعفر: وهذا من الله عز وجل احتجاج لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم على مشركي قومه من العرب ومنافقيهم وكفار أهل الكتاب
395
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فأتوا بسورة من مثله
396
القول في تأويل قوله تعالى: فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: فاتقوا النار يقول: فاتقوا أن تصلوا النار بتكذيبكم رسولي بما جاءكم به من عندي أنه من وحيي وتنزيلي، بعد تبينكم أنه كتابي ومن عندي، وقيام الحجة عليكم
403
القول في تأويل قوله تعالى: أعدت للكافرين قد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن الكافر في كلام العرب هو الساتر شيئا بغطاء، وأن الله جل ثناؤه إنما سمى الكافر كافرا لجحوده آلاءه عنده، وتغطيته نعماءه قبله فمعنى قوله إذا: أعدت للكافرين أعدت النار
405
القول في تأويل قوله تعالى: وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون أما قوله تعالى: وبشر فإنه يعني: أخبرهم.
405
القول في تأويل قوله تعالى: كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها قال أبو جعفر: يعني بقوله: كلما رزقوا منها من الجنات، والهاء راجعة على الجنات، وإنما المعني أشجارها، فكأنه قال: كلما رزقوا من أشجار البساتين التي
407
القول في تأويل قوله: وأتوا به متشابها قال أبو جعفر: والهاء في قوله: وأتوا به متشابها عائدة على الرزق، فتأويله: وأتوا بالذي رزقوا من ثمارها متشابها وقد اختلف أهل التأويل في تأويل المتشابه في ذلك، فقال بعضهم: تشابهه أن كله خيار لا رذل فيه
412
القول في تأويل قوله تعالى: ولهم فيها أزواج مطهرة قال أبو جعفر: والهاء والميم اللتان في لهم عائدتان على الذين آمنوا وعملوا الصالحات، والهاء والألف اللتان في فيها عائدتان على الجنات. وتأويل ذلك: وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات فيها أزواج
419
القول في تأويل قوله تعالى: وهم فيها خالدون قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: والذين آمنوا وعملوا الصالحات في الجنات خالدون، فالهاء والميم من قوله وهم عائدة على الذين آمنوا وعملوا الصالحات، والهاء والألف في فيها على الجنات، وخلودهم فيها: دوام
422
القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم، وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين قال أبو جعفر: اختلف أهل
422
وأما تأويل قوله: إن الله لا يستحيي فإن بعض المنسوبين إلى المعرفة بلغة العرب كان يتأول معنى: إن الله لا يستحيي إن الله لا يخشى أن يضرب مثلا، ويستشهد على ذلك من قوله بقول الله تعالى: وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ويزعم أن معنى ذلك: وتستحي الناس والله
427
وأما معنى قوله: أن يضرب مثلا فهو أن يبين ويصف، كما قال جل ثناؤه: ضرب لكم مثلا من أنفسكم بمعنى وصف لكم، وكما قال الكميت: وذلك ضرب أخماس أريدت لأسداس عسى أن لا تكونا بمعنى: وصف أخماس. والمثل: الشبه، يقال: هذا مثل هذا ومثله، كما يقال: شبهه وشبهه
427
وأما تأويل قوله: فما فوقها فما هو أعظم منها عندي لما ذكرنا قبل من قول قتادة وابن جريج أن البعوضة أضعف خلق الله، فإذا كانت أضعف خلق الله فهي نهاية في القلة والضعف، وإذ كانت كذلك فلا شك أن ما فوق أضعف الأشياء لا يكون إلا أقوى منه، فقد يجب أن يكون
430
القول في تأويل قوله تعالى: فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ذكره: فأما الذين آمنوا فأما الذين صدقوا الله ورسوله. وقوله: فيعلمون أنه الحق من ربهم يعني فيعرفون أن
431
القول في تأويل قوله تعالى: يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا قال أبو جعفر: يعني بقوله جل وعز: يضل به كثيرا يضل الله به كثيرا من خلقه والهاء في به من ذكر المثل. وهذا خبر من الله جل ثناؤه مبتدأ، ومعنى الكلام: أن الله يضل بالمثل الذي يضربه كثيرا من أهل
432
القول في تأويل قوله تعالى: وما يضل به إلا الفاسقين
434
القول في تأويل قوله تعالى: الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون قال أبو جعفر: وهذا وصف من الله جل ذكره الفاسقين الذين أخبر أنه لا يضل بالمثل الذي ضربه لأهل النفاق غيرهم، فقال: وما يضل
435
القول في تأويل قوله تعالى: ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل قال أبو جعفر: والذي رغب الله في وصله وذم على قطعه في هذه الآية: الرحم، وقد بين ذلك في كتابه فقال تعالى: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم وإنما عنى بالرحم: أهل الرجل
440
القول في تأويل قوله تعالى: ويفسدون في الأرض قال أبو جعفر: وفسادهم في الأرض هو ما تقدم وصفناه قبل من معصيتهم ربهم وكفرهم به وتكذيبهم رسوله، وجحدهم نبوته، وإنكارهم ما أتاهم به من عند الله أنه حق من عنده
441
القول في تأويل قوله تعالى: أولئك هم الخاسرون قال أبو جعفر: والخاسرون جمع خاسر، والخاسرون: الناقصون أنفسهم حظوظها بمعصيتهم الله من رحمته، كما يخسر الرجل في تجارته بأن يوضع من رأس ماله في بيعه. فكذلك الكافر والمنافق خسر بحرمان الله إياه رحمته التي
441
القول في تأويل قوله تعالى: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك
443
القول في تأويل قوله تعالى: ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات قال أبو جعفر: اختلف في تأويل قوله: ثم استوى إلى السماء فقال بعضهم: معنى استوى إلى السماء، أقبل عليها، كما تقول: كان فلان مقبلا على فلان ثم استوى علي يشاتمني واستوى إلي يشاتمني، بمعنى
454
القول في تأويل قوله تعالى: وهو بكل شيء عليم يعني بقوله جل جلاله: وهو نفسه وبقوله: بكل شيء عليم أن الذي خلقكم وخلق لكم ما في الأرض جميعا، وسوى السموات السبع بما فيهن، فأحكمهن من دخان الماء وأتقن صنعهن، لا يخفى عليه أيها المنافقون والملحدون الكافرون
465
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون قال أبو جعفر: زعم بعض المنسوبين إلى العلم بلغات العرب من أهل البصرة أن تأويل قوله:
466
القول في تأويل قوله تعالى: للملائكة قال أبو جعفر: والملائكة جمع ملك، غير أن واحدهم بغير الهمز أكثر وأشهر في كلام العرب منه بالهمز، وذلك أنهم يقولون في واحدهم ملك من الملائكة، فيحذفون الهمز منه، ويحركون اللام التي كانت مسكنة لو همز الاسم. وإنما
472
القول في تأويل قوله تعالى: إني جاعل في الأرض اختلف أهل التأويل في قوله: إني جاعل، فقال بعضهم: إني فاعل
475
القول في تأويل قوله تعالى: خليفة والخليفة الفعيلة، من قولك: خلف فلان فلانا في هذا الأمر إذا قام مقامه فيه بعده كما قال جل ثناؤه: ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون يعني بذلك: أنه أبدلكم في الأرض منهم فجعلكم خلفاء بعدهم ومن ذلك قيل
476
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قال أبو جعفر: إن قال قائل: وكيف قالت الملائكة لربها إذ أخبرها أنه جاعل في الأرض خليفة: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ولم يكن آدم بعد مخلوقا ولا ذريته، فيعلموا ما يفعلون
482
القول في تأويل قوله تعالى: ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال أبو جعفر: أما قوله: ونحن نسبح بحمدك فإنه يعني: إنا نعظمك بالحمد لك والشكر، كما قال جل ثناؤه: فسبح بحمد ربك وكما قال: والملائكة يسبحون بحمد ربهم وكل ذكر لله عند العرب فتسبيح وصلاة، يقول الرجل
502
القول في تأويل قوله تعالى: ونقدس لك قال أبو جعفر: والتقديس هو التطهير والتعظيم؛ ومنه قولهم: سبوح قدوس، يعني بقولهم سبوح: تنزيه لله؛ وبقولهم قدوس: طهارة له وتعظيم؛ ولذلك قيل للأرض: أرض مقدسة، يعني بذلك المطهرة. فمعنى قول الملائكة إذا ونحن نسبح
505
القول في تأويل قوله تعالى: قال إني أعلم ما لا تعلمون قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضهم: يعني بقوله: أعلم ما لا تعلمون مما اطلع عليه من إبليس، وإضماره المعصية لله وإخفائه الكبر، مما اطلع عليه تبارك وتعالى منه وخفي على ملائكته
507
القول في تأويل قوله تعالى: الأسماء كلها قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في الأسماء التي علمها آدم ثم عرضها على الملائكة
514
القول في تأويل قوله تعالى: ثم عرضهم على الملائكة قال أبو جعفر: قد تقدم ذكرنا التأويل الذي هو أولى بالآية على قراءتنا ورسم مصحفنا، وأن قوله: ثم عرضهم بالدلالة على بني آدم والملائكة أولى منه بالدلالة على أجناس الخلق كلها، وإن كان غير فاسد أن يكون دالا
519
القول في تأويل قوله تعالى: فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء قال أبوجعفر: وتأويل قوله: أنبئوني أخبروني
521
القول في تأويل قوله تعالى: بأسماء هؤلاء
522
القول في تأويل قوله تعالى: إن كنتم صادقين قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في ذلك
522
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ذكره عن ملائكته بالأوبة إليه، وتسليم علم ما لم يعلموه له، وتبريهم من أن يعلموا أو يعلم أحد شيئا إلا ما علمه تعالى ذكره. وفي هذه
526
القول في تأويل قوله تعالى: إنك أنت العليم الحكيم قال أبو جعفر: وتأويل ذلك: إنك أنت يا ربنا العليم من غير تعليم بجميع ما قد كان وما وهو كائن، والعالم للغيوب دون جميع خلقك. وذلك أنهم نفوا عن أنفسهم بقولهم: لا علم لنا إلا ما علمتنا أن يكون لهم علم إلا
528
القول في تأويل قوله تعالى: قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون قال أبو جعفر: إن الله جل ثناؤه عرف ملائكته الذين سألوه أن يجعلهم الخلفاء في الأرض ووصفوا أنفسهم بطاعته
529
فأما تأويل قوله: قال يا آدم أنبئهم يقول: أخبر الملائكة. والهاء والميم في قوله: أنبئهم عائدتان على الملائكة، وقوله: بأسمائهم يعني بأسماء الذين عرضهم على الملائكة. والهاء والميم اللتان في أسمائهم كناية عن ذكر هؤلاء التي في قوله: أنبئوني بأسماء
530
القول في تأويل قوله تعالى: وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك
531
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين قال أبو جعفر: أما قوله: وإذ قلنا فمعطوف على قوله: وإذ قال ربك للملائكة كأنه قال جل ذكره لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه
534
وتأويل قوله: أبى يعني جل ثناؤه بذلك إبليس أنه امتنع من السجود لآدم فلم يسجد له. واستكبر يعني بذلك أنه تعظم وتكبر عن طاعة الله في السجود لآدم. وهذا وإن كان من الله جل ثناؤه خبرا عن إبليس، فإنه تقريع لضربائه من خلق الله الذين يتكبرون عن الخضوع لأمر
544
القول في تأويل قوله تعالى: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين قال أبو جعفر: وفي هذه الآية دلالة واضحة على صحة قول من قال: إن إبليس أخرج من الجنة بعد الاستكبار عن السجود لآدم، وأسكنها آدم
547
القول في تأويل قوله تعالى: وكلا منها رغدا حيث شئتما قال أبو جعفر: أما الرغد، فإنه الواسع من العيش، الهنيء الذي لا يعني صاحبه، يقال: أرغد فلان: إذا أصاب واسعا من العيش الهنيء، كما قال امرؤ القيس بن حجر: بينما المرؤ تراه ناعما يأمن الأحداث في عيش
549
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تقربا هذه الشجرة قال أبو جعفر: والشجر في كلام العرب: كل ما قام على ساق، ومنه قول الله جل ثناؤه: والنجم والشجر يسجدان يعني بالنجم: ما نجم من الأرض من نبت. وبالشجر: ما استقل على ساق. ثم اختلف أهل التأويل في عين
551
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين قال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في تأويل قوله: ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فقال بعض نحويي الكوفيين: تأويل ذلك: ولا تقربا هذه الشجرة فإنكما إن قربتماها كنتما من الظالمين.
557
وأما تأويل قوله: فتكونا من الظالمين فإنه يعني به فتكونا من المتعدين إلى غير ما أذن لهم وأبيح لهم فيه. وإنما عنى بذلك أنكما إن قربتما هذه الشجرة كنتما على منهاج من تعدى حدودي وعصى أمري واستحل محارمي؛ لأن الظالمين بعضهم أولياء بعض، والله ولي المتقين
559
القول في تأويل قوله تعالى: فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين قال أبو جعفر: اختلف القراء في قراءة ذلك فقرأته عامتهم: فأزلهما بتشديد اللام، بمعنى استزلهما؛ من قولك: زل الرجل في
560
القول في تأويل قوله تعالى: فأخرجهما مما كانا فيه قال أبو جعفر: وأما تأويل قوله: فأخرجهما فإنه يعني: فأخرج الشيطان آدم وزوجته مما كانا، يعني مما كان فيه آدم وزوجته من رغد العيش في الجنة، وسعة نعيمها الذي كانا فيه. وقد بينا أن الله جل ثناؤه إنما
570
القول في تأويل قوله تعالى: وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو قال أبو جعفر: يقال: هبط فلان أرض كذا ووادي كذا: إذا حل ذلك كما قال الشاعر: ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقا وقد أبان هذا القول من الله جل ثناؤه عن صحة ما قلنا من أن المخرج
571
القول في تأويل قوله تعالى: ولكم في الأرض مستقر قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم بما
575
القول في تأويل قوله تعالى: ومتاع إلى حين قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: ولكم فيها بلاغ إلى الموت
577
القول في تأويل قوله تعالى. فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال أبو جعفر:
579
أما تأويل قوله: فتلقى آدم فقيل إنه أخذ وقبل، وأصله التفعل من اللقاء كما يتلقى الرجل الرجل يستقبله عند قدومه من غيبة أو سفر، فكذلك ذلك في قوله: فتلقى كأنه استقبله فتلقاه بالقبول، حين أوحى إليه، أو أخبر به. فمعنى ذلك إذا: فلقى الله آدم كلمات توبة
579
القول في تأويل قوله تعالى: فتاب عليه قال أبو جعفر: وقوله: فتاب عليه يعني على آدم، والهاء التي في عليه عائدة على آدم، وقوله: فتاب عليه يعني رزقه التوبة من خطيئته. والتوبة معناها الإنابة إلى الله والأوبة إلى طاعته مما يكره من معصيته
587
القول في تأويل قوله تعالى: إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا قال أبو جعفر: وتأويل قوله: إنه هو التواب الرحيم أن الله جل ثناؤه هو التواب على من تاب إليه من عباده المذنبين من ذنوبه التارك مجازاته بإنابته إلى طاعته بعد معصيته بما سلف من ذنبه.
587
القول في تأويل قوله تعالى: فإما يأتينكم مني هدى قال أبو جعفر: وتأويل قوله: فإما يأتينكم فإن يأتكم، وما التي مع إن توكيد للكلام، ولدخولها مع إن أدخلت النون المشددة في يأتينكم تفرقة بدخولها بين ما التي تأتي بمعنى توكيد الكلام التي تسميها أهل العربية
588
القول في تأويل قوله تعالى: مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال أبو جعفر: والهدى في هذا الموضع البيان والرشاد
589
وقوله: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني: والذين جحدوا آياتي وكذبوا رسلي، وآيات الله: حججه وأدلته على وحدانيته وربوبيته، وما جاءت به الرسل من الأعلام والشواهد على ذلك، وعلى صدقها فيما أنبأت عن ربها. وقد بينا أن معنى
592
القول في تأويل قوله تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون قال أبو جعفر:
593
يعني بقوله جل ثناؤه: يا بني إسرائيل يا ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن؛ وكان يعقوب يدعى إسرائيل، بمعنى عبد الله وصفوته من خلقه؛ وإيل هو الله؛ وإسرا: هو العبد، كما قيل جبريل بمعنى عبد الله
593
القول في تأويل قوله تعالى: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم قال أبو جعفر: ونعمته التي أنعم بها على بني إسرائيل جل ذكره اصطفاؤه منهم الرسل، وإنزاله عليهم الكتب، واستنقاذه إياهم مما كانوا فيه من البلاء والضراء من فرعون وقومه، إلى التمكين لهم في الأرض،
594
القول في تأويل قوله تعالى: وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم قال أبو جعفر: قد تقدم بياننا معنى العهد فيما مضى من كتابنا هذا واختلاف المختلفين في تأويله والصواب عندنا من القول فيه. وهو في هذا الموضع عهد الله ووصيته التي أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن يبينوا
596
القول في تأويل قوله تعالى: وإياي فارهبون قال أبو جعفر: وتأويل قوله: وإياي فارهبون وإياي فاخشوا، واتقوا أيها المضيعون عهدي من بني إسرائيل والمكذبون رسولي الذي أخذت ميثاقكم فيما أنزلت من الكتب على أنبيائي أن تؤمنوا به وتتبعوه، أن أحل بكم من عقوبتي،
598
القول في تأويل قوله تعالى: وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون قال أبو جعفر:
599
يعني بقوله: آمنوا صدقوا، كما قد قدمنا البيان عنه قبل
599
ويعني بقوله: بما أنزلت ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن
599
ويعني بقوله: مصدقا لما معكم أن القرآن مصدق لما مع اليهود من بني إسرائيل من التوراة. فأمرهم بالتصديق بالقرآن، وأخبرهم جل ثناؤه أن في تصديقهم بالقرآن تصديقا منهم للتوراة؛ لأن الذي في القرآن من الأمر بالإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه
599
وقوله: مصدقا قطع من الهاء المتروكة في أنزلت من ذكر ما. ومعنى الكلام: وآمنوا بالذي أنزلته مصدقا لما معكم أيها اليهود. والذي معهم هو التوراة والإنجيل
599
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تكونوا أول كافر به قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: كيف قيل: ولا تكونوا أول كافر به والخطاب فيه لجمع وكافر واحد؟ وهل نجيز إن كان ذلك جائزا أن يقول قائل: لا تكونوا أول رجل قام؟ قيل له: إنما يجوز توحيد ما أضيف له أفعل
600
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك
603
القول في تأويل قوله تعالى: وإياي فاتقون قال أبو جعفر: يقول: فاتقون في بيعكم آياتي بالخسيس من الثمن، وشرائكم بها القليل من العرض، وكفركم بما أنزلت على رسولي، وجحودكم نبوة نبيه؛ أن أحل بكم ما أحللت بأخلافكم الذين سلكوا سبيلكم من المثلات والنقمات
604
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون قال أبو جعفر:
605
يعني بقوله: ولا تلبسوا لا تخلطوا، واللبس: هو الخلط، يقال منه: لبست عليهم الأمر ألبسه لبسا: إذا خلطته عليهم
605
القول في تأويل قوله تعالى: وتكتموا الحق وأنتم تعلمون قال أبو جعفر: وفي قوله: وتكتموا الحق وجهان من التأويل: أحدهما أن يكون الله جل ثناؤه نهاهم عن أن يكتموا الحق كما نهاهم أن يلبسوا الحق بالباطل. فيكون تأويل ذلك حينئذ: ولا تلبسوا الحق بالباطل، ولا
607
القول في تأويل قوله تعالى: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين قال أبو جعفر: ذكر أن أحبار اليهود والمنافقين كانوا يأمرون الناس بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولا يفعلونه؛ فأمرهم الله بإقام الصلاة مع المسلمين المصدقين بمحمد وبما جاء به وإيتاء
611
القول في تأويل قوله تعالى: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى البر الذي كان المخاطبون بهذه الآية يأمرون الناس به وينسون أنفسهم، بعد إجماع جميعهم على أن كل طاعة لله فهي تسمى برا
613
القول في تأويل قوله تعالى: وأنتم تتلون الكتاب قال أبو جعفر: يعني بقوله: تتلون تدرسون وتقرءون
616
القول في تأويل قوله تعالى: أفلا تعقلون قال أبو جعفر: يعني بقوله: أفلا تعقلون أفلا تفقهون وتفهمون قبح ما تأتون من معصيتكم ربكم التي تأمرون الناس بخلافها وتنهونهم عن ركوبها وأنتم راكبوها، وأنتم تعلمون أن الذي عليكم من حق الله وطاعته في اتباع محمد
616
القول في تأويل قوله تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين قال أبو جعفر:
617
يعني بقوله جل ثناؤه: واستعينوا بالصبر استعينوا على الوفاء بعهدي الذي عاهدتموني في كتابكم، من طاعتي واتباع أمري، وترك ما تهوونه من الرياسة وحب الدنيا إلى ما تكرهونه من التسليم لأمري، واتباع رسولي محمد صلى الله عليه وسلم، بالصبر عليه والصلاة. وقد قيل
617
القول في تأويل قوله تعالى: وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين
621
يعني بقوله جل ثناؤه: وإنها وإن الصلاة، فالهاء والألف في وإنها عائدتان على الصلاة. وقد قال بعضهم: إن قوله: وإنها بمعنى: إن إجابة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يجر لذلك بلفظ الإجابة ذكر فتجعل الهاء والألف كناية عنه، وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من
621
ويعني بقوله: لكبيرة لشديدة ثقيلة
621
ويعني بقوله: إلا على الخاشعين إلا على الخاضعين لطاعته، الخائفين سطواته، المصدقين بوعده ووعيده
622
القول في تأويل قوله تعالى: الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف أخبر الله جل ثناؤه عمن قد وصفه بالخشوع له بالطاعة أنه يظن أنه ملاقيه، والظن: شك، والشاك في لقاء الله عندك بالله كافر؟ قيل له: إن العرب قد
623
القول في تأويل قوله تعالى: أنهم ملاقو ربهم قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف قيل إنهم ملاقو ربهم فأضيف الملاقون إلى الرب جل ثناؤه وقد علمت أن معناه: الذين يظنون أنهم يلقون ربهم؟ وإذا كان المعنى كذلك، فمن كلام العرب ترك الإضافة وإثبات النون،
625
القول في تأويل قوله تعالى: وأنهم إليه راجعون قال أبو جعفر: والهاء والميم اللتان في قوله: وأنهم من ذكر الخاشعين، والهاء في إليه من ذكر الرب تعالى ذكره في قوله: ملاقو ربهم فتأويل الكلمة: وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الموقنين أنهم إلى ربهم راجعون.
628
القول في تأويل قوله تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين قال أبو جعفر: وتأويل ذلك في هذه الآية نظير تأويله في التي قبلها في قوله: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي وقد ذكرته هنالك
628
القول في تأويل قوله تعالى: وأني فضلتكم على العالمين قال أبو جعفر: وهذا أيضا مما ذكرهم جل ثناؤه من آلائه ونعمه عندهم ويعني بقوله: وأني فضلتكم على العالمين أني فضلت أسلافكم، فنسب نعمه على آبائهم وأسلافهم إلى أنها نعم منه عليهم، إذ كانت مآثر الآباء
629
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون قال أبو جعفر:
631
وتأويل قوله: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا واتقوا يوما لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا. وجائز أيضا أن يكون تأويله: واتقوا يوما لا تجزيه نفس عن نفس شيئا، كما قال الراجز: قد صبحت صبحها السلام بكبد خالطها سنام في ساعة يحبها الطعام وهو يعني: يحب فيها
631
القول في تأويل قوله تعالى: ولا يقبل منها شفاعة قال أبو جعفر: والشفاعة مصدر من قول الرجل: شفع لي فلان إلى فلان شفاعة، وهو طلبه إليه في قضاء حاجته وإنما قيل للشفيع شفيع وشافع لأنه ثنى المستشفع به فصار له شفعا، فكان ذو الحاجة قبل استشفاعه به في حاجته
635
القول في تأويل قوله تعالى: ولا يؤخذ منها عدل قال أبو جعفر: والعدل في كلام العرب بفتح العين: الفدية
637
القول في تأويل قوله تعالى: ولا هم ينصرون وتأويل قوله: ولا هم ينصرون يعني أنهم يومئذ لا ينصرهم ناصر، كما لا يشفع لهم شافع، ولا يقبل منهم عدل ولا فدية. بطلت هنالك المحاباة واضمحلت الرشا والشفاعات، وارتفع بين القوم التعاون والتناصر، وصار الحكم إلى
639
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم
640
أما تأويل قوله: وإذ نجيناكم فإنه عطف على قوله: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي فكأنه قال: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، واذكروا إنعامنا عليكم إذ نجيناكم من آل فرعون بإنجائنا لكم منهم. وأما آل فرعون فإنهم أهل دينه وقومه وأشياعه. وأصل آل أهل، أبدلت
641
القول في تأويل قوله تعالى: يسومونكم سوء العذاب وفي قوله: يسومونكم وجهان من التأويل، أحدهما: أن يكون خبرا مستأنفا عن فعل فرعون ببني إسرائيل، فيكون معناه حينئذ: واذكروا نعمتي عليكم إذ نجيتكم من آل فرعون، وكانوا من قبل يسومونكم سوء العذاب. وإذا كان
644
وأما تأويل قوله: يسومونكم فإنه يوردونكم، ويذيقونكم، ويولونكم، يقال منه: سامه خطة ضيم: إذا أولاه ذلك وأذاقه، كما قال الشاعر: إن سيم خسفا وجهه تربدا فأما تأويل قوله: سوء العذاب فإنه يعني: ما ساءهم من العذاب. وقد قال بعضهم: أشد العذاب؛ ولو كان
644
القول في تأويل قوله تعالى: يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم قال أبو جعفر: وأضاف الله جل ثناؤه ما كان من فعل آل فرعون ببني إسرائيل، من سومهم إياهم سوء العذاب وذبحهم أبناءهم واستحيائهم نساءهم، إليهم دون فرعون، وإن كان فعلهم ما فعلوا من ذلك كان بقوة
645
القول في تأويل قوله تعالى: وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم أما قوله: وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم فإنه يعني: وفي الذي فعلنا بكم من إنجائنا إياكم مما كنتم فيه من عذاب آل فرعون إياكم على ما وصفت بلاء لكم من ربكم عظيم. ويعني بقوله بلاء: نعمة
652
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون
654
أما تأويل قوله: وإذ فرقنا بكم فإنه عطف على: وإذ نجيناكم بمعنى: واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون، وإذ فرقنا بكم البحر. ومعنى قوله: فرقنا بكم فصلنا بكم البحر، لأنهم كانوا اثني عشر سبطا، ففرق البحر اثني عشر طريقا،
654
القول في تأويل قوله تعالى: فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف غرق الله جل ثناؤه آل فرعون، ونجى بني إسرائيل؟
655
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأ بعضهم: واعدنا بمعنى أن الله تعالى واعد موسى ملاقاة الطور لمناجاته، فكانت المواعدة من الله لموسى، ومن موسى لربه. وكان من
663
القول في تأويل قوله تعالى: موسى
665
القول في تأويل قوله تعالى: أربعين ليلة ومعنى ذلك وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة بتمامها، فالأربعون ليلة كلها داخلة في الميعاد. وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معناه: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة أي رأس الأربعين، ومثل ذلك بقوله: واسأل القرية وبقولهم
666
القول في تأويل قوله تعالى: ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون وتأويل قوله: ثم اتخذتم العجل من بعده ثم اتخذتم في أيام مواعدة موسى العجل إلها من بعد أن فارقكم موسى متوجها إلى الموعد. والهاء في قوله من بعده عائدة على ذكر موسى. فأخبر جل ثناؤه المخالفين
668
القول في تأويل قوله تعالى: ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون
675
وتأويل قوله: ثم عفونا عنكم من بعد ذلك يقول: تركنا معاجلتكم بالعقوبة من بعد ذلك، أي من بعد اتخاذكم العجل إلها
675
وأما تأويل قوله: لعلكم تشكرون فإنه يعني به: لتشكروا. ومعنى لعل في هذا الموضع معنى كي، وقد بينت فيما مضى قبل أن أحد معاني لعل كي بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع. فمعنى الكلام إذا: ثم عفونا عنكم من بعد اتخاذكم العجل إلها لتشكروني على عفوي
676
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون
676
يعني بقوله: وإذ آتينا موسى الكتاب واذكروا أيضا إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان. ويعني بالكتاب: التوراة، وبالفرقان: الفصل بين الحق والباطل
676
وأما تأويل قوله: لعلكم تهتدون فنظير تأويل قوله تعالى: لعلكم تشكرون ومعناه لتهتدوا. وكأنه قال: واذكروا أيضا إذ آتينا موسى التوراة التي تفرق بين الحق والباطل لتهتدوا بها وتتبعوا الحق الذي فيها لأني جعلتها كذلك هدى لمن اهتدى بها واتبع ما فيها
678
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم وتأويل ذلك: واذكروا أيضا إذ قال موسى لقومه من بني إسرائيل: يا قوم إنكم ظلمتم
678
وأما معنى قوله: فتوبوا إلى بارئكم فإنه يعني به: ارجعوا إلى طاعة خالقكم وإلى ما يرضيه عنكم
685
وأما قوله: ذلكم خير لكم عند بارئكم فإنه يعني بذلك توبتكم بقتلكم أنفسكم وطاعتكم ربكم خير لكم عند بارئكم؛ لأنكم تنجون بذلك من عقاب الله في الآخرة على ذنبكم، وتستوجبون به الثواب منه
686
وقوله: فتاب عليكم أي بما فعلتم مما أمركم به من قتل بعضكم بعضا. وهذا من المحذوف الذي استغنى بالظاهر منه عن المتروك، لأن معنى الكلام: فتوبوا إلى بارئكم، فاقتلوا أنفسكم، ذلكم خير لكم عند بارئكم، فتبتم فتاب عليكم. فترك ذكر قوله فتبتم إذ كان في قوله:
686
قوله: إنه هو التواب الرحيم يعني الراجع لمن أناب إليه بطاعته إلى ما يحب من العفو عنه. ويعني بالرحيم: العائد إليه برحمته المنجية من عقوبته
687
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون وتأويل ذلك: واذكروا أيضا إذ قلتم: يا موسى لن نصدقك ولن نقر بما جئتنا به حتى نرى الله جهرة عيانا، برفع الساتر بيننا وبينه، وكشف الغطاء دوننا ودونه
687
القول في تأويل قوله تعالى: فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون اختلف أهل التأويل في صفة الصاعقة التي أخذتهم
690
ويعني بقوله: وأنتم تنظرون وأنتم تنظرون إلى الصاعقة التي أصابتكم، يقول: أخذتكم الصاعقة عيانا جهارا وأنتم تنظرون إليها
691
القول في تأويل قوله تعالى: ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون
691
يعني بقوله: ثم بعثناكم ثم أحييناكم وأصل البعث: إثارة الشيء من محله، ومنه قيل: بعث فلان راحلته: إذا أثارها من مبركها للسير كما قال الشاعر: فأبعثها وهي صنيع حول كركن الرعن ذعلبة وقاحا والرعن: منقطع أنف الجبل، والذعلبة: الخفيفة، والوقاح، الشديدة
691
ويعني بقوله: من بعد موتكم من بعد موتكم بالصاعقة التي أهلكتكم
692
وقوله: لعلكم تشكرون يقول: فعلنا بكم ذلك لتشكروني على ما أوليتكم من نعمتي عليكم بإحيائي إياكم استبقاء مني لكم لتراجعوا التوبة من عظيم ذنبكم بعد إحلالي العقوبة بكم بالصاعقة التي أحللتها بكم، فأماتتكم بعظيم خطئكم الذي كان منكم فيما بينكم وبين ربكم. وهذا
692
القول في تأويل قوله تعالى: وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
698
وظللنا عليكم عطف على قوله: ثم بعثناكم من بعد موتكم فتأويل الآية: ثم بعثناكم من بعد موتكم، وظللنا عليكم الغمام، وعدد عليهم سائر ما أنعم به عليهم لعلكم تشكرون. والغمام جمع غمامة كما السحاب جمع سحابة، والغمام هو ما غم السماء فألبسها من سحاب وقتام وغير
698
القول في تأويل قوله تعالى: وأنزلنا عليكم المن اختلف أهل التأويل في صفة المن
700
القول في تأويل قوله تعالى: والسلوى والسلوى: اسم طائر يشبه السمانى، واحده وجماعه بلفظ واحد، كذلك السمانى لفظ جماعها وواحدها سواء. وقد قيل: إن واحدة السلوى سلواة
704
القول في تأويل قوله تعالى: كلوا من طيبات ما رزقناكم وهذا مما استغنى بدلالة ظاهرة على ما ترك منه، وذلك أن تأويل الآية: وظللنا عليكم الغمام، وأنزلنا عليكم المن والسلوى، وقلنا لكم: كلوا من طيبات ما رزقناكم. فترك ذكر قوله: وقلنا لكم لما بينا من دلالة
710
القول في تأويل قوله تعالى: وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وهذا أيضا من الذي استغنى بدلالة ظاهره على ما ترك منه. وذلك أن معنى الكلام: كلوا من طيبات ما رزقناكم، فخالفوا ما أمرناهم به وعصوا ربهم ثم رسولنا إليهم، وما ظلمونا. فاكتفى بما ظهر عما ترك
711
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين والقرية التي أمرهم الله جل ثناؤه أن يدخلوها، فيأكلوا منها رغدا حيث شاءوا فيما ذكر لنا: بيت المقدس
712
القول في تأويل قوله تعالى: فكلوا منها حيث شئتم رغدا يعني بذلك: فكلوا من هذه القرية حيث شئتم عيشا هنيا واسعا بغير حساب. وقد بينا معنى الرغد فيما مضى من كتابنا، وذكرنا أقوال أهل التأويل فيه
713
القول في تأويل قوله تعالى: وادخلوا الباب سجدا أما الباب الذي أمروا أن يدخلوه، فإنه قيل: هو باب الحطة من بيت المقدس
713
القول في تأويل قوله تعالى: وقولوا حطة وتأويل قوله: حطة فعلة، من قول القائل: حط الله عنك خطاياك فهو يحطها حطة، بمنزلة الردة والحدة والمدة من رددت وحددت ومددت. واختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم بنحو الذي قلنا في ذلك
715
القول في تأويل قوله تعالى: نغفر لكم يعني بقوله: نغفر لكم نتغمد لكم بالرحمة خطاياكم ونسترها عليكم، فلا نفضحكم بالعقوبة عليها. وأصل الغفر: التغطية والستر، فكل ساتر شيئا فهو غافره ومن ذلك قيل للبيضة من الحديد التي تتخذ جنة للرأس مغفر، لأنها تغطي
720
القول في تأويل قوله تعالى: خطاياكم والخطايا جمع خطية بغير همز كما المطايا جمع مطية، والحشايا جمع حشية. وإنما ترك جمع الخطايا بالهمز، لأن ترك الهمز في خطيئة أكثر من الهمز، فجمع على خطايا، على أن واحدتها غير مهموزة. ولو كانت الخطايا مجموعة على خطيئة
721
القول في تأويل قوله تعالى: وسنزيد المحسنين وتأويل ذلك ما روي لنا عن ابن عباس
722
القول في تأويل قوله تعالى: فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون
723
وتأويل قوله: فبدل فغير
723
ويعني بقوله: الذين ظلموا الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله
723
ويعني بقوله: قولا غير الذي قيل لهم بدلوا قولا غير الذي أمروا أن يقولوه فقالوا خلافه، وذلك هو التبديل والتغيير الذي كان منهم. وكان تبديلهم، بالقول الذي أمروا أن يقولوه، قولا غيره
723
القول في تأويل قوله تعالى: فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء يعني بقوله: فأنزلنا على الذين ظلموا على الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله من تبديلهم القول، الذي أمرهم الله جل وعز أن يقولوه، قولا غيره، ومعصيتهم إياه فيما أمرهم به وبركوبهم ما قد نهاهم
729
القول في تأويل قوله تعالى: بما كانوا يفسقون وقد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن معنى الفسق: الخروج من الشيء. فتأويل قوله: بما كانوا يفسقون إذا بما كانوا يتركون طاعة الله عز وجل، فيخرجون عنها إلى معصيته وخلاف أمره
732
اسم الکتاب :
تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر
المؤلف :
الطبري، أبو جعفر
الجزء :
1
صفحة :
733
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
««اول
«قبلی
الجزء :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
إن مکتبة
مدرسة الفقاهة
هي مكتبة مجانية لتوثيق المقالات
www.eShia.ir