responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 560
وَظُلْمُهُ إِيَّاهُ: مَجِيئُهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، وَانْصِبَابُهُ فِي غَيْرِ مَصَبِّهِ. وَمِنْهُ: ظُلْمُ الرَّجُلِ جَزُورَهُ، وَهُوَ نَحْرُهُ إِيَّاهُ لِغَيْرِ عِلَّةٍ؛ وَذَلِكَ عِنْدَ الْعَرَبِ: وَضْعُ النَّحْرِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وَقَدْ يَتَفَرَّعُ الظُّلْمُ فِي مَعَانٍ يَطُولُ بِإِحْصَائِهَا الْكِتَابُ، وَسَنُبَيِّنُهَا فِي أَمَاكِنَهَا إِذَا أَتَيْنَا عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا وَصَفْنَا مِنْ وَضْعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 36] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ فَقَرَأَتْهُ عَامَّتُهُمْ: {فَأَزَلَّهُمَا} [البقرة: 36] بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، بِمَعْنَى اسْتَزَلَّهُمَا؛ مِنْ قَوْلِكَ: زَلَّ الرَّجُلُ فِي دِينِهِ: إِذَا هَفَا فِيهِ وَأَخْطَأَ فَأَتَى مَا لَيْسَ لَهُ إِتْيَانُهُ فِيهِ، وَأَزَلَّهُ غَيْرُهُ: إِذَا سَبَّبَ لَهُ مَا يَزِلُّ مِنْ أَجْلِهِ فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ. وَلِذَلِكَ أَضَافَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِلَى إِبْلِيسَ خُرُوجَ آدَمَ وَزَوْجَتِهِ مِنَ الْجَنَّةِ فَقَالَ: {فَأَخْرَجَهُمَا} [البقرة: 36] يَعْنِي إِبْلِيسَ {مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: 36] لِأَنَّهُ كَانَ الَّذِي سَبَّبَ لَهُمَا الْخَطِيئَةَ الَّتِي عَاقَبَهُمَا اللَّهُ عَلَيْهَا بِإِخْرَاجِهِمَا مِنَ الْجَنَّةِ. وَقَرَأَهُ آخَرُونَ: (فَأَزَالَهُمَا) بِمَعْنَى إِزَالَةِ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ، وَذَلِكَ تَنْحِيَتُهُ عَنْهُ

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ {فَأَزَلَّهُمَا} [البقرة: 36] مَا حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " فِي تَأْوِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {§فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} [البقرة: 36] قَالَ: أَغْوَاهُمَا " -[561]- وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: {فَأَزَلَّهُمَا} [البقرة: 36] لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَخْبَرَ فِي الْحَرْفِ الَّذِي يَتْلُوهُ بِأَنَّ إِبْلِيسَ أَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ، وَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَأَزَالَهُمَا، فَلَا وَجْهَ إِذْ كَانَ مَعْنَى الْإِزَالَةِ مَعْنَى التَّنْحِيَةِ وَالْإِخْرَاجِ أَنْ يُقَالَ: فَأَزَالَهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ، فَيَكُونَ كَقَوْلِهِ: فَأَزَالَهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَزَالَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى الْمَفْهُومَ أَنْ يُقَالَ: فَاسْتَزَلَّهُمَا إِبْلِيسُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} [البقرة: 36] وَقَرَأَتْ بِهِ الْقُرَّاءُ، فَأَخْرَجَهُمَا بِاسْتِزْلَالِهِ إِيَّاهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَكَيْفَ كَانَ اسْتِزْلَالُ إِبْلِيسَ آدَمَ وَزَوْجَتَهُ حَتَّى أُضِيفَ إِلَيْهِ إِخْرَاجُهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ؟ قِيلَ: قَدْ قَالَتِ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا سَنَذْكُرُ بَعْضَهَا

اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 560
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست