responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 361
فجأة وجرت بين الطرفين معركة طاحنة، واضطربت قوات المماليك بعض الوقت [1] وانكسرت ميسرة المسلمين في بداية الأمر كسرة شنيعة، فحمل الملك المظفر بنفسه في طائفة من عساكره وأردف الميسرة حتى جبر ضعفها، ثم اقتحم القتال وأبلى في ذلك اليوم بلاء حسناً وهو يشجع أصحابه ويحسن لهم الموت في سبيل الله ويكر بهم كرة بعد كرة ([2]
وألقى خوذته عن رأسه إلى الأرض وصرخ بأعلى صوته ((وأسلاماه)) وحمل بنفسه وبمن معه حملة صادقة فأيده الله بنصره، ولم تنقضي سوى ساعات حتى بدأ تفوق المسلمين في الميدان، وسحقت زهرة القوات المغولية، ومر العسكر في إثر التتار إلى قرب بيسان، فرجع التتار، والتقوا بالمسلمين لقاءً ثانياً أعظم من الأول، فهزمهم الله وقتل أكابرهم وعدة منهم، وكان قد تزلزل المسلمون زلزالاً شديداً، فصرخ السلطان صرخة عظيمة، سمعه معظم العسكر وهو يقول: ((وأسلاماه)) ثلاث مرات: يا الله انصر عبدك قطز على التتار)) فلما انكسر التتار الكسرة الثانية نزل السلطان على فرسه ومرغ وجهه على الارض وقبلها وصلى ركعتين لله تعالى ثم ركب، فأقبل العسكر وقد امتلأت ايديهم بالغنائم [3]، واستمر ركن الدين بيبرس في مطاردة فلول المغول حتى افامية فوجدهم قد تجمعوا بها ووحدوا صفوفهم للمرة الثالثة استعداداً لمواجهتهم، فهاجمهم بكل شجاعة وكسرهم كسرة شنيعة وغنم منهم اموالاً طائلة وخيولاً كثيرة [4].
6 ـ شجاعة القائد المغولي: ورغم الهزيمة القاسية التي مُني بها المغول في هذه المعركة فإن أحد المؤرخين المسلمين وهو رشيد الدين فضل الله الهمذاني، لم ينكر ما كان للقائد المغولي كيتوبوقا من صفات بطولية في هذه المعركة، فعندما اقترح عليه أحد اعوانه الإنسحاب أجاب: علينا أن نموت هنا، هذه هي النهاية ويعيش الخان ويسعد [5]، وفي رواية: لا مفر من الموت هنا، فالموت مع العزة والشرف خير من الهروب مع الذل والهوان، وسيصل رجل واحد، صغيراً أو كبيراً من أفراد هذا الجيش إلى حضرة الملك ويعرض عليه كلامي قائلاً: إن كيتوبوقا لم يشأ أن يتراجع وقد كلله الخجل فضحى بحياته الغالية في سبيل واجبه، وينبغي ألا يشق على الخاطر المبارك نبأ فناء جيش المغول، وليتصور الملك أن نساء جنوده لم يحملن عاماً

[1] دراسات تاريخية صـ 87.
[2] جهاد المماليك صـ 123 ..
[3] دراسات تاريخية صـ 88.
[4] جهاد المماليك صـ 124.
[5] سيف الدين قطز قاهر المغول صـ 138.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست