ثانياً: سلطنة عز الدين آيبك:
تولى عرش مصر السلطان أيبك التركماني وتلقب باللقب السلطاني"الملك المعز" ولم يكن أيبك في الواقع أكبر أمراء المماليك سناً أو أقدمهم خدمة، أو أقواهم مكانة ونفوذاً إذ يوجد من هم أكبر وأقدم وأقدر منه مثل فارس الدين أقطاي والظاهر بيبرس وهذه الحالة الإستثنائية في نظام التدرج المملوكي جعلت بعض المؤرخين مثل أبي المحاسن في كتابة النجوم الزاهرة؛ يتهم أيبك بضعف النفوذ والشوكة وأن الأمراء لم ينتخبوه إلا لكي يتمكنوا من عزله متى شاءوا [2] غير أن الحوادث دلت على أن أيبك رجل يمتاز بصفات السياسة والحزم والشجاعة، ولم يكن ضعيف الشخصية كما يصوره بعض المؤرخين، ويبدو أن أبا المحاسن نفسه قد شعر بالخطأ الذي وقع فيه حينما وصف أيبك بالضعف في كتابه النجوم الزاهرة، إذ أنه عاد واستدرك ذلك في كتابه الآخر: المنهل الصافي، فمدح أيبك فيه ووصفه بالديانة والصيانة والعقل والسياسة، وأنه انقذ دولة المماليك من خطر محقق، وإذا تناولنا المشاكل والمصاعب التي واجهت السلطان أيبك، نجد أنها تتمثل في تهديدات الايوبيين والصليبيين في الخارج، وفي ثورات الاعراب في الداخل ثم خطر زملائه المماليك في داخل البلاد وخارجها [3]. 1 ـ الخطر الأيوبي والصليبي: رفض أمراء بني أيوب الاعتراف بالنظام الجديد في مصر، وانسلخت عنها دمشق والكرك والشوبك والصبية وغيرها من ممتلكاتها التابعة لها في الشام وأصبح في الشرق الأوسط الإسلامي قوتان متنازعتان، ولايات الشام ويهيمن عليها الأيوبيون، ومصر ويحكمها المماليك، وقد اعتبر الأيوبيون أنهم أصحاب السلطة الشرعية وأن المماليك دخلاء عليهم، وأنه لا بد من اتخاذ إجراء حاسم لإعادة المياه إلى مجاريها [4]، وشنوا حملة أعلامية مركزة على المماليك وقالوا بأنهم هم الذين سمحوا للملك الفرنسي بالخروج من مصر حياً طمعاً في الفدية التي أعطاها لهم وتلك التي تعهد بدفعها، وأنه لولا جشعهم لما [1] ولاية المرأة في الفقه الإسلامي صـ161. [2] قيام دولة المماليك الأولى للعبادي صـ124. [3] المصدر نفسه صـ124. [4] العدوان الصليبي على بلاد الشام د. جوزيف صـ144.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 307