اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 246
والرافضة حرب عظيمة نهبت فيها الكرخ ومحلة الرافضة حتى نهبت دور قرابات الوزير "ابن العلقمي" فاشتد حنقه على ذلك فكان هذا مما أهاجه على أن دبَّر على الإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد وإلى هذه الأوقات [1].
ش ـ المكر السيئ يحيق بأهله: قال تعالى: "ولا يحيق المكر السِّئُ إلا بأهله" (سورة فاطر، آية: 42). لقد دخل التتار وجندهم بغداد ووقع ما وقع من الظلم والفساد وسفك الدماء وهتك الأعراض ولم يكن ابن العلقمي بعيداً عن ذلك كله، ولا سالماً منه البتة، وقد أحسن الذهبي في تعبيره وكان دقيقاً في وصف حالته حين قال: وحفر للأمة قليبا، فأوقع فيه قريبا، وذاق الهوان وبقي يركب كديشاً بعد أن كانت ركبته تضاهي موكب السلطان، فمات غبناً وغماً وفي الآخرة أشد خزياً وأشد تنكيلاً [2]. ونقل الصفدي ندم ابن العلقمي، حيث لا ينفعه الندم وكان كثير ما يقول: وجرى القضاء بعكس ما أملته، لأنه عومل بأنواع الهوان من أرذال التتار والمرتدة؛ حكي أنه كان في الديوان جالسا فدخل بعض التتار ممن لا وجاهة له راكباً فرسه، فساق إلى أن وقف بفرسه على بساط الوزير وخاطبه بما أراد، وبال الفرس على البساط وأصاب الرشاش ثياب الوزير وهو صابر لهذا الهوان يظهر قوة النفس وأنه بلغ مراده، ولم تكن الشيعة بشكل عام ـ وهم أهله وعشيرته ـ بمنأى عن هذه الجرائم والمآثم، وعجيب أن يكون حنقه على أهل السنة، وحميته للشيعة تبيح له ذلك كله ويروى أن بعض أهل بغداد قال له: يا مولانا أنت فعلت هذا جميعه وحميت الشيعة حمَّية لهم، وقد قتل من الأشراف الفاطميين خلق لا يحصون، وارتكب من الفواحش مع نسائهم وفضَّت أبكارهم مما لا يعلمه إلا الله تعالى، فقال: بعد أن قتل الدوادار ومن كان على مثل رأيه لا مبالاة بذلك [3]، وبلغ إذلال"التتر" له أن جعلوه تابعاً لشخص يدعى"ابن عمران" كان خادماً في دولة المستعصم [4]، ونقل النويري ما هو أشد من ذلك، إذ استدعاه"هولاكو" فلما مثل بين يديه سبّه ووبخه على عدم وفائه لمن هو غذي نعمته ([5])،
وذكر السيوطي أنه صار معهم في صورة بعض الغلمان وانه مات كمداً [6]. [1] البداية والنهاية (13 ـ 191)، كيف دخل التتار صـ64. [2] سير أعلام النبلاء (23 ـ 362). [3] الوافي بالوفيات (1 ـ 185). [4] المغول في التاريخ صـ274 كيف دخل التتر صـ66. [5] نهاية الأرب في فنون الأدب نقلاً كيف دخل التتر صـ66 .. [6] تاريخ الخلفاء للسيوطي صـ378، كيف دخل التتر صـ66.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 246