اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 103
266- وإذا عرفت الحاجة إلى إسهال الطبع، رأيت أن أكل البلوط مما يمنع عنه علمي، وشرب ماء التمر هندي أوفق، وهذا طب، فإذا لم أشرب ما يوافقني، ثم قلت: اللهم! عافني! قالت لي الحكمة: أما سمعت: "اعقلها وتوكل"[1]؟! اشرب! وقل: عافني! ولا تكن كمن بين زرعه وبين النهر كف من تراب، تكاسل أن يرفعه بيده، ثم قام يصلي صلاة الاستسقاء!
267- وما هذه الحالة إلا كحال من سافر على التجريد[2]، وإنما سافر على التجريد؛ لأنه يجرب ربه[3] عز وجل، هل يرزقه أو لا؟ وقد تقدم الأمر إليه:
{وَتَزَوَّدُوا} [البقرة: 197] ، فقال: لا أتزود! فهذا هالك قبل أن يهلكه، ولو جاء وقت صلاة وليس معه ماء، لِيمَ على تفريطه، وقيل له: هلا استصحبت الماء قبل المفازة!
268- فالحذر الحذر من أفعال أقوام دققوا، فمرقوا[4] عن الأوضاع الدينية، وظنوا أن كمال الدين بالخروج عن الطباع، والمخالفة للأوضاع، ولولا قوة العلم والرسوخ فيه، لما قدرت على شرح هذا ولا عرفته. فافهم ما أشرت إليه، فهو أنفع لك من كراريس تسمعها، وكن مع أهل المعاني لا مع أهل الحشو. [1] رواه الحاكم "3/ 623"، وابن حبان "731"، وقال الهيثمي في المجمع "10/ 306": رواه الطبراني من طرق ورجال أحدها رجال الصحيح، غير يعقوب بن عبد الله بن عمرو بن أمية: وهو ثقة. [2] أي: بلا زاد ولا رفقة، وفي الأصل التجربة وهو تصحيف. [3] في الأصل: "بربه". [4] مرقوا: خرجوا. أمر المؤمنين بالتنظف
...
52- فصل: أمر المؤمن بالتنظف
269- تلمحت على خلق كثير من الناس إهمال أبدانهم، فمنهم من لا ينظف فمه بالخلال[1] بعد الأكل، ومنهم من لا ينقي يديه في غسلهما من الزهم[2]، ومنهم من لا يكاد يستاك، وفيهم من لا يكتحل، وفيهم من لا يراعي الإبط ... إلى غير ذلك، فيعود هذا الإهمال بالخلل في الدين والدنيا. [1] الخلال: أعواد ينظف بها ما بين الأسنان. [2] الزهم: الدسم.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 103