responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 102
لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] . وقال تعالى: {فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ} [يوسف: 47] . وقد ظاهر النبي صلى الله عليه وسلم بين درعين، وشاور طبيبين، ولما خرج إلى الطائف، لم يقدر على دخول مكة، حتى بعث إلى المطعم بن عدي، فقال: "أدخل في جوارك"، وقد كان يمكنه أن يدخل متوكلًا بلا سبب.
264- فإذا جعل الشرع الأمور منوطة بالأسباب، كان إعراضي عن الأسباب دفعًا للحكمة، ولهذا أرى أن التداوي مندوب إليه، وقد ذهب صاحب مذهبي[1] إلى أن ترك التداوي أفضل، ومنعني الدليل من اتباعه في هذا: فإن الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنزل الله داءً، إلا وأنزل له دواء، فتداووا"[2]، ومرتبة هذه اللفظة الأمر، والأمر إما أن يكون واجبًا، أو ندبًا، [إن] [3] لم يسبقه حظر، [فإن سبقه حظر] [4] فيقال: هو أمر إباحة[5]. وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: تعلمت الطب من كثرة أمراض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ينعت له[6]، وقال عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: "كل من هذا، فإنه أوفق لك من هذا"[7].
265- ومن ذهب إلى أن تركه أفضل، احتج بقوله عليه الصلاة والسلام: "يدخل الجنة سبعون ألفًا بلا حساب"، ثم وصفهم فقال: "لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكولون"[8]. وهذا لا ينافي التداوي؛ لأنه قد كان أقوام يكتوون لئلا يمرضوا، ويسترقون لئلا تصيبهم نكبة، وقد كوى عليه الصلاة والسلم أسعد بن زرارة[9]، ورخص في الرقية في الحديث الصحيح[10]، فعلمنا أن المراد ما أشرنا إليه.

[1] أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.
[2] رواه البخاري "6578" عن ابن مسعود رضي الله عنه.
[3] في الأصل: ولم.
[4] زيادة ليستقيم بها الكلام.
[5] إن الأمر بعد النهي يفيد الإباحة، ومثاله قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} وقوله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها" نسخ النهي، فرجع الحكم إلى الإباحة.
[6] رواه أحمد "6716"، وأبو نعيم "2/ 49"، والحاكم "4/ 11".
[7] رواه أبوداود "3856"، والترمذي "2038"، وابن ماجه "3442" عن أم المنذر الأنصارية رضي الله عنها.
[8] رواه البخاري "5752"، ومسلم "220" عن ابن عباس رضي الله عنه.
[9] رواه الترمذي "2050"، وابن ماجه "3492"، وأحمد "4/ 65"، و "5/ 3678". قلت: وقد وقع في الأصل سعد بن زرارة. وهو خطأ.
[10] رواه البخاري "5741"، ومسلم "2193" عن عائشة رضي الله عنها، انظر: زاد المعاد "3/ 63".
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست