اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 104
270- أما الدين، فإنه قد أمر المؤمن بالتنظف، والاغتسال للجمعة، لأجل اجتماعه بالناس، ونهى عن دخول المسجد إذا أكل الثوم[1]، وأمر الشرع بتنقية البراجم[2]، وقص الأظفار، والسواك[3]، والاستحداد[4] ... وغير ذلك من الآداب؛ فإذا أهمل ذلك، ترك مسنون الشرع، وربما تعدى بعض ذلك إلى فساد العبادة، مثل أن يهمل أظفاره، فيجمع تحته الوسخ المانع للماء في الوضوء أن يصل.
271- وأما الدنيا، فإني رأيت جماعة من المهملين أنفسهم يتقدمون إلى السرار[5]، والغفلة التي أوجبت إهمالهم أنفسهم أوجبت جهلهم بالأذى الحادث عنهم، فإذا أخذوا في مناجاة السر، لم يمكن أن أصدف[6] عنهم؛ لأنهم يقصدون السر، فألقى الشدائد من ريح أفواههم، ولعل أكثرهم من وقت انتباههم ما أمر إصبعه على أسنانه!!
ثم يوجب مثل هذا نفور المرأة، وقد لا تستحسن ذكر ذلك للرجل، فيثمر ذلك التفاتها عنه، وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي.
272- وفي الناس من يقول: هذا تصنع! وليس بشيء، فإن الله تعالى زيننا لما خلقنا؛ لأن للعين حظًّا في النظر، ومن تأمل أهداب العين والحاجبين وحسن ترتيب الخلفة، علم أن الله زين الآدمي.
273- وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أنظف الناس، وأطيب الناس[7]. وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: يرفع يديه حتى تبين عفرة إبطيه[8]. وكان ساقه ربما انكشفت، فكأنها [1] البخاري "852-855"، ومسلم "564" عن جابر رضي الله عنه. [2] البراجم، جمع برجمة، وهي المفصل الظاهر أو الباطن من الأصابع. [3] رواه البخاري "878"، ومسلم "252" عن أبي هريرة رضي الله عنه.
4 "عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء"، رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون: "المضمضة والاستحداد وحلق العانة". [5] السرار: المناجاة. [6] صدف عن الشيء: أعرض عنه. [7] رواه ابن سعد كما في صحيح الجامع "4988". [8] عفرة إبطيه: بياضهما.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 104