اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 425
ب- فساد القيادة وانتهاك القيم والحرمات: ذلك أن الأمة الميتة التي تؤثر الدنيا على الآخرة تدفع إلى مراكز القيادة فيها العناصر المترفة -أي أهل النعمة والبطر والاستكبار[1]- لأنها تتوهم فيهم القدرة والخبرة للحصول على الدنيا التي تؤثرها. ولكن المترفين -بحكم إصابتهم بنفس الداء- يتحولون إلى قيادات ظالمة مستغلة تتركز سياساتها حول الاستئثار بمزيد من الدنيا، وأسباب البطر والاستكبار، فيختفي العدل ويفشو الظلم، وتنتهك الحرمات، ويتحلل من المسئوليات ويختفي الأمن والاستقرار. وإلى هذه الحالة يشير قوله تعالى:
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16] .
والفسق المشار إليه في الآية نوعان: فسق القيادات أي انحرافها عن المنهاج القويم في الحكم والإدارة، واستعبادها للناس وكبت الحريات. وفسق الشعوب، وهو سكوتها على انحراف القيادة المترفة وتملقها وتبرير ممارساتها. ولذلك أدان الله فرعون وقومه سواء؛ لأنهم سمحوا له أن يستخف بهم فأطاعوه، ونفذوا سياساته وشكلوا جنده وحراسه:
{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54] .
جـ- الانغماس في الشهوات، وانتشار روح المنافسة والصراع: في الأمة الميتة التي تتصف بإيثار الدنيا ينحسر عنصر الجهاد، والنصرة في الصراع من أجل حطام الدنيا والانغماس في شهواتها. وإلى هذا يشير قوله -صلى الله عليه وسلم:
" ... فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كانت قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم" [2]. [1] الطبري، التفسير، جـ18، ص36. [2] ابن ماجه، السنن، كتاب الفتن، ص1325، رقم 3997.
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 425