اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 424
وقوله أيضًا:
"تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، إن أعطي منهما رضي، وإن منع سخط" [1].
فهو عبد الدينار والدرهم؛ لأن "ولاءه" يدور في فكلهما إن أعطي منهما رضي، وإن منع عنه العطاء سخط. والقطيفة هي التي يجلس عليها. أو هي رمز للأثاث، فهو عبد الأثاث؛ لأنه دائم التفكير به، مشغول بالبحث عنه سواء أكان تاجرا أو مستهلكا. والخميصة هي اللباس الذي يرتديه الإنسان، فهو عبد اللباس؛ لأنه دائم التفكير به والتفتيش عن أزيائه وأشكاله والنظر في منشورات الدعاية له، والربط بين الدينار والدرهم من ناحية والأثاث، واللباس من ناحية أخرى؛ لأنها كلها مرتبطة بعضها ببعض لا يتوصل عابدها إلى شيء منها إلا بالحصول على الأخرى. وليحصل عابدها عليها لا بد أن يطيع مالكها ومعطيها، والمتسبب بالحصول عليها طاعة كاملة، ويرهبهم رهبة كاملة، ويرغب بهم رغبة كاملة، فهي أصنام متعددة وأرباب متنوعة لكنها مترابطة يوصل بعضها إلى بعض.
ولذلك قال بعض السلف: ألبس من الثياب ما يخدمك، ولا تلبس منها ما أنت تخدمه، واقتن البساط الذي تجلس عليه لا الذي يجلس عليك[2].
والتربية المعاصرة، والثقافة المعاصرة -تربية وثقافة الإنتاج والاستهلاك- تفرز إنسانا تجلس "الأشياء" فوق عقله وقلبه وجسده، وتنام وتصحو معه، دون أن تدع لـ"الأفكار" وشبكة العلاقات الاجتماعية متسعا، ويظل ينوء تحت الأشياء كلها آناء الليل، والنهار حتى تصبح دينه ونياه. [1] البخاري، الصحيح، كتاب الجهاد، وكتاب الرقاق. [2] ابن تيمية، الفتاوى، كتاب السلوك، جـ10، ص597.
اسم الکتاب : أهداف التربية الإسلامية المؤلف : ماجد عرسان الكيلاني الجزء : 1 صفحة : 424