اسم الکتاب : شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 305
[4130] الْأَكْثَرُونَ هم الاسفلون أَي فِي الدرجَة السُّفْلى من فُقَرَاء أهل الْإِسْلَام الا من يصرف مَاله فِي رِضَاء الرب الْمولى كَمَا يَأْتِي فِي حَدِيث آخر ويستفيد من لفظ هَكَذَا وَهَكَذَا هَذَا الْمَعْنى (إنْجَاح)
[4132] أرصده فِي قَضَاء دين أَي امسكه لقَضَاء دين لَو لم يكن الدَّائِن حَاضرا عِنْدِي وَإِنَّمَا قَالَ يَأْتِي على ثَالِثَة لِأَنَّهُ لَا بُد لتقسيم هَذَا الْمِقْدَار من زمَان والا فَكَانَ لَا يَأْتِي عَلَيْهِ الا كَانَ يقسمهُ فَإِن فِي رِوَايَة البُخَارِيّ ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الْعَصْر فتخطى رِقَاب بعض النَّاس الى حجر بعض نِسَائِهِ وَاعْتذر بِأَنَّهُ خلف بِالْبَيْتِ تَبرأ من الصَّدَقَة فكره ان يبيته (إنْجَاح)
قَوْله
[4133] وَعجل لَهُ الْقَضَاء أَي الْمَوْت ثمَّ لَا يخفى ان ظَاهر هَذَا الحَدِيث يُخَالف مَا ورد فِي رِوَايَة أُخْرَى لِأَحْمَد وَالتِّرْمِذِيّ والدارمي عَن أبي بكرَة ان رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أَي النَّاس خير قَالَ من طَال عمره وَحسن عمله وَكَذَلِكَ مَا صَحَّ من ان أَخَوَيْنِ مَاتَا فَقتل أَحدهمَا فِي سَبِيل الله وَمَات الثَّانِي بعد جُمُعَة ففضل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّانِي وَقَالَ أَيْن صلَاته بعد صلَاته وَعَمله بعد عمله أَو قَالَ صَوْمه بعد صَوْمه لما بَينهمَا كبعد مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض كَمَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قلت يخْتَلف هذاالامر بِاعْتِبَار الْأَشْخَاص والاحوال فَرجل كَثْرَة المَال وَطول الْعُمر خير لَهُ وَآخر عكس ذَلِك وَتَقْدِير ذَلِك الى مُقَدّر الْأُمُور حَيْثُ قَالَ وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ لبغو فِي الأَرْض ونطق بِمثل قَوْلنَا الحَدِيث الْوَارِد فِي ذَلِك فَأهل الْأَعْمَال يُعْطون اجورهم على اعمالهم فطول الْعُمر وَكَثْرَة المَال خير لَهُم بِشَرْط الامن عَن الْفساد واما العارفون فجزاءهم لَا يتَوَقَّف على أَعمال الْبر بل يفضلون على حسن عرفانهم وَلَا يخفى ان الْمعرفَة تزيد فِي البرزخ ثمَّ فِي العرصات ثمَّ فِي دَار الخلود سَاعَة فساعة فَحِينَئِذٍ يصلونَ الى كَمَال الْمعرفَة وَهُوَ التَّقَرُّب ورؤية الله تَعَالَى فَيكون الْمَوْت نَافِعًا لَهُم كَمَا حَقَّقَهُ الشَّيْخ المجددي رَضِي الله عَنهُ فِي مكاتيبه واما الْأَبْرَار فحالهم خلاف حَال المقربين لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ تَنْقَطِع اعمالهم وَطول الْعُمر لهَذَا الْمَعْنى خير لَهُم وَبَين الْحَالَتَيْنِ بون بعيد وَوجه الْفرق ان أَعمال الْأَبْرَار لَا تكون الا لطلب الْجنَّة والهرب من النَّار وَأهل الْعرْفَان لَا يلفتون الى شَيْء من ذَلِك بل لَو فرض ان الله تَعَالَى لَا يعذب أحدا من المخلوقين كَانَ طاعتهم أَشد من السَّابِق أَو مثله روى عَن بعض الصَّالِحين انه حضر عِنْد موت بن الفارض رض فَعرض للشَّيْخ بن الفارض الجنات العلى والحور والقصور فاشمأز عَن ذَلِك وَبكى وَقَالَ رَحْمَة الله عَلَيْهِ لَو كَانَ منزلتي فِي الْحبّ عنْدكُمْ مَا قد رَأَيْت ضَيْعَة أَيَّام امنية ظَفرت وروحي بهَا رِضَاء الْيَوْم احسبها اضغاث احلام فَزَالَ عَنهُ ذَلِك فسر وَقضى نحبه رَحمَه الله تَعَالَى (إنْجَاح)