قائم لله بحجة.
وأما أهل الحديث ـ كَثَّرهم الله تعالى ـ في كل مكان في القديم والحديث؛ فهم أولى الناس بالله ـ تعالى ـ وبنبيه صلى الله عليه وسلم وبالصحابة وبالتابعين وبالأئمة المجتهدين؛ لأنهم لم يقدموا قولًا على قول الله ـ تعالى ـ ورسوله، وجعلوا ذلك هو الأصل، وأقوال الناس هي الفرع؛ فإن وافقت هذا الأصل قُبَلَت وإلَّا رُدَّت؛ فإنها أحقر من أن تكون مساوية لقول الله ورسوله، فضلًا عن أن تُقَدَّم عليه؛ فهذا هو الذي نَدِين الله به وندعو الناس إليه.
فصل
وقد ذكر الإمام الغزالي للمناظرة آفات عشر، وهي أم الرذائل والفواحش؛ منها: النفاق، والحسد، والحقد، والعداوة، والبغضاء ... إلى غير ذلك، إلى أن قال: «وهذه غير ما يقع بين المتناظرين من الشتم والضرب وتمزيق الثياب وجر اللحا ... » إلى آخره.
[وأنا أقول] : هذا كله صحيح مشاهد لنا بالعيان، ولكن أقول: لا تُترك المناظرة والمناضلة عن الحق إذا حُسنت النية، وكان القصد نُصْرَة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكيف لا تغضب لترك الآية القرآنية والسنة الصحيحة النبوية، والله يقول: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} ، وقال ـ تعالى ـ: {وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} ؟!
ومن المعلوم أن نصر الله ورسوله هو نصر كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، خشية أن تقضي عليهما آراء الرجال، وهذ االاختلاف والتنازع لا يرتفعان أبدًا [إلا بالتحاكم إلى الكتاب والسنة] ؛ لقوله ـ تعالى ـ: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} ، وقوله ـ تعالى ـ: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} ؛ فقد أخبر الله ـ سبحانه وتعالى ـ بوقوع التنازع والاختلاف، ولكن هذا التنازع والاختلاف لا يضر؛ لوجود