والمدونة، وغيرهما. فكيف يظنّ أحد أن الله ـ تعالى ـ يأمر أحدًا من خلقه باتباع غير كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أن مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك ليس بعضها بأولى من بعض؛ إذ ما من مذهب من المذاهب إلا وفيه حق موافق للقرآن والسنة، وفيه من الرأي والاستحسان ما هو مخالف للنصوص الشرعية، ولكن يقال: بعضها أكثر صوابًا من بعض، ولكن خطأهم مغفور لهم خاصة دون غيرهم؛ لأنهم ـ رضي الله تعالى عنهم ـ لم يألوا جهدًا في تمحيص الحق وتوضيحه، وقد أفرغوا وسعهم في ذلك، و {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} ، وقد فعلوا ذلك لأنفسهم؛ خروجًا من التقليد المنهي عنه؛ إذ كان قبلهم من هم أعلم منهم، ولكن لما علموا علمًا ضروريًّا أن الله ـ عز وجل ـ لم يوجب على الناس إلا اتباع الكتاب العزيز وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه المعصوم عن الخطإ، بخلاف غيره من الناس؛ فإنه يجوز عليه الخطأ مهما عَظُمَ قدره؛ إذ لا عصمة لغير الأنبياء ـ صلوات الله تعالى عليهم ـ، وأما من أتى بعد الأئمة الأربعة أو غيرهم فلا يغفر خطأه بتقليده لهم، ما لم يتبع طريقتهم في استنباط الأحكام، ويدأب في تحصيل ذلك كما دأبوا، ويتجشم الصعب لذلك كما تجشَّمُوا، ومن لم يكن عنده قدرة على ذلك فلا يجوز له أن ينتصر لأحد منهم بغير علم ولا سلطان بيِّن؛ بل عليه أن يسأل أهل العلم الموصوفين بهذه الصفات، والأمة لم تُعدَم ـ ولله الحمد ـ في كل زمان من هو موصوف بهذه الصفات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على أمر الله لا يَضُرّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة مَن يُجَدِّد للناس أمرَ دينها» ؛ فلا تخلو الأرض في كل زمان ـ ولله الحمد ـ من