القرآن والسنة الصحيحة بين أظهرنا؛ فالرد إليهما يسيرٌ سهلٌ جدًّا على من أراد الله هدايته.
وأما التنازع والاختلاف المضران؛ فهما: الرد إلى آراء الرجال واستحساناتهم؛ فهذا هو المضر؛ لأن الآراء والأفهام لا تنحصر ولا تنضبط؛ ولذلك كان يقول أبو حنيفة ـ رضي الله عنه ـ: «هذا رأي رأيناه فمن جاءنا بأحسنَ منه قبلناه» .
وهنا أسباب توجب الاختلافَ تَفاوتَ الناسُ في فهمها؛ وهي أسباب ثمانية ذكرها الإمام ابن رشد والإمام المرتضي شارح «الإحياء» ، وهذا نصه؛ قال في الشرح المذكور: «ثم إن الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ ذكر سبب الإقبال على علم الخلاف والانكباب عليه، ولم يذكر الأسباب الموجبة للخلاف في هذه الملة؛ وهي ثمانية: الأول: اشتراكم الألفاظ والمعاني، الثاني: الحقيقة والمجاز، الثالث: الإفراد والتركيب، الرابع: الخصوص والعموم، الخامس: الرواية والنقل، السادس: الاجتهاد فيما لا نقل فيه، السابع: الناسخ والمنسوخ، الثامن: الإباحة والتوسيع» .
قلتُ: هذه الأسباب الثمانية هي التي يدور عليها قطب رحى علم أصول الفقه، ويا حبذا لو قصروا الكلام عليها كما فعل الإمام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ في رسالته التي وضعها في الأصول؛ بل ضموا إلى ذلك أقوال المعتزلة والفلاسفة وأهل