responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 125
استاه كشفت إِن هَذَا لعجبٌ نَبِي مُرْسل كَافِر مُشْرك يعْمل لِقَوْمِهِ إِلَهًا من دون الله أَو يكون الْعجل ظهر من غير أَن يتَعَمَّد هَارُون عمله فَهَذِهِ وَالله معْجزَة كمعجزات مُوسَى وَلَا فرق إِلَّا أَن هَذَا هُوَ الضلال والتلبيس والإشكال والتدليس المبعد عَن الله تَعَالَى إِذْ لَو كَانَ هَذَا لما كَانَ مُوسَى أولى بالتصديق من عَابِد الْعجل الملعون أَتَرَى بعد استخفاف النذل الَّذِي عمل لَهُم هَذِه الخرافة بالأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام اسْتِخْفَافًا حاش لله من هَذَا أَو ترَوْنَ بعد حمق من يُؤمن بِأَن هَذَا من عِنْد مُوسَى رَسُول الله وكليمه عَن الله تَعَالَى حمقاً نحمد الله على الْعَافِيَة أَيْن هَذَا الهوس الْبَارِد وَالْكذب المفترى من نور الْحق الَّذِي يشْهد لَهُ الْعقل بِالصِّحَّةِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الله عز وَجل حَقًا إِذْ يَقُول فِي هَذِه الْقِصَّة نَفسهَا مَا لَا يُمكن سواهُ {وَاتخذ قوم مُوسَى من بعده من حليهم عجلاً جسداً لَهُ خوارٌ ألم يرَوا أَنه لَا يكلمهم وَلَا يهْدِيهم سَبِيلا اتخذوه وَكَانُوا ظالمين} وَقَوله عز وَجل {فَكَذَلِك ألْقى السامري فَأخْرج لَهُم عجلاً جسداً لَهُ خوار فَقَالُوا هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى فنسي أَفلا يرَوْنَ أَلا يرجع إِلَيْهِم قولا وَلَا يملك لَهُم ضراً وَلَا نفعا وَلَقَد قَالَ لَهُم هَارُون من قبل يَا قوم إِنَّمَا فتنتم بِهِ وَإِن ربكُم الرَّحْمَن فَاتبعُوني وَأَطيعُوا أَمْرِي قَالُوا لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى قَالَ يَا هَارُون مَا مَنعك إِذْ رَأَيْتهمْ ضلوا أَلا تتبعن أفعصيت أَمْرِي قَالَ يَا ابْن أم لَا تَأْخُذ بلحيتي وَلَا برأسي إِنِّي خشيت أَن تَقول فرقت بَين بني إِسْرَائِيل وَلم ترقب قولي} وَقَوله {ابْن أم إِن الْقَوْم استضعفوني وكادوا يقتلونني} فَهَذَا هُوَ الصدْق حَقًا إِنَّمَا عمل لَهُم الْعجل الْكَافِر الضال السامري وَأما هَارُون فنهاهم عَنهُ جهده وَإِنَّهُم عصوه وكادوا يقتلونه وَقد بَين الصُّبْح لذِي عينين ولاح صدق قَوْله تَعَالَى من كذب الآفكين وَأما الخوار فقد صَحَّ عَن ابْن عَبَّاس مَا لَا يجوز سواهُ وَأَنه إِنَّمَا كَانَ دوِي الرّيح تدخل من قبله وَتخرج من دبره وَهَذَا هُوَ الْحق لِأَنَّهُ تَعَالَى أخبر أَنه لَا يكلمهم وَلَو خار من عِنْد نَفسه لَكَانَ ضربا من الْكَلَام ولكانت حَيَاة فِيهِ وَهُوَ محَال إِذْ لَا تكون معْجزَة وَلَا إِحَالَة لغير نَبِي أصلا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
فصل
وَفِي خلال هَذِه الْفُصُول ذكر أَن الله عز وَجل قَالَ لمُوسَى دَعْنِي أغضب عَلَيْهِم وأهلكهم وأقدمك على أمة عَظِيمَة وَأَن مُوسَى رغب إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ تذكر إِبْرَاهِيم وَإِسْرَائِيل وَإِسْحَاق عبيدك الَّذين خلقتهمْ بِيَدِك وَقلت لَهُم سأكثر ذريتكم حَتَّى يَكُونُوا كنجوم السَّمَاء وأورثتهم جَمِيع هَذِه الأَرْض الَّتِي وعدتهم بهَا ويملكونها فحن السَّيِّد وَلم يتم مَا كَانَ أَرَادَ إنزاله من الْمَكْرُوه بأمته
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فِي هَذَا الْفَصْل عجائب أَحدهَا إخْبَاره بِأَن الله تَعَالَى لم يتم مَا أَرَادَ إنزاله من الْمَكْرُوه بهم وَكَيف يجوز أَن يُرِيد الله عز وَجل إهلاك قوم قد تقدم وعده لَهُم بِأُمُور وَلم يُتمهَا لَهُم بعد وحاش لله من أَن يُرِيد إخلاف وعده فيريد الْكَذِب

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست