responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 124
إِسْرَائِيل الَّذين نظرُوا إِلَى الله وأكلوا وَشَرِبُوا وَقَالَ بمقربة من ذَلِك وَكَانَ منظر عَظمَة السَّيِّد كنار آكِلَة فِي قرن الْحِيَل يرَاهُ جمَاعَة من بني إِسْرَائِيل
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ هَذَا تجسيم لَا شكّ فِيهِ وتشبيه لَا خَفَاء بِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْل الله تَعَالَى {وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا} وَلَا كَقَوْلِه تَعَالَى {إِلَّا أَن يَأْتِيهم الله فِي ظلل من الْغَمَام وَالْمَلَائِكَة} وَلَا كَقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل الله تبَارك وَتَعَالَى كل لَيْلَة فِي ثلث اللَّيْل الْبَاقِي إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا لِأَن هَذَا كُله على ظَاهره بِلَا تكلّف تَأْوِيل إِنَّمَا هِيَ أَفعَال يَفْعَلهَا الله عز وَجل تسمى مجيئاً وإتياناً وتنزلاً وَلَا مثل قَوْله تَعَالَى {يَد الله فَوق أَيْديهم} {وَيبقى وَجه رَبك} وَسَائِر مَا فِي الْقُرْآن من مثل هَذَا فكله لَيْسَ بِمَعْنى الْجَارِحَة لَكِن على وُجُوه ظَاهِرَة فِي اللُّغَة قد بيناها فِي غير هَذَا الْمَكَان عمدتها إِن كل ذَلِك خبر عَن الله تَعَالَى لَا يرجع بِشَيْء من ذَلِك إِلَى سواهُ أصلا ثمَّ كَيفَ يجْتَمع مَا ذكرنَا عَن توراتهم مَعَ قَوْله فِي السّفر الْخَامِس كلمكم الله من وسط اللهيب فسمعتم صَوته وَلم تروا لَهُ شخصا وَهَاتَانِ قضيتان تكذب كل وَاحِدَة مِنْهُمَا الْأُخْرَى وَلَا بُد

فصل
وَبعد ذَلِك قَالَ فَلَمَّا أَطَالَ مُوسَى الْمقَام اجْتمع بَنو إِسْرَائِيل إِلَى هَارُون وَقَالُوا قُم واعمل لنا إِلَهًا يتقدمنا فإننا لَا نَدْرِي مَا أصَاب مُوسَى الرجل الَّذِي أخرجنَا من مصر فَقَالَ لَهُم هَارُون اقلعوا أقراط الذَّهَب عَن آذان نِسَائِكُم وَأَوْلَادكُمْ وبناتكم وائتوني بهَا فَفَعَلُوا مَا أَمرهم بِهِ وأتوه بالأقراط فَلَمَّا قبضهَا هَارُون أفرغها وَعمل لَهُم مِنْهَا عجلاً وَقَالَ هَذَا إِلَهكُم يَا بني إِسْرَائِيل الَّذِي أخرجكم من مصر فَلَمَّا بصر بهَا هَارُون بنى مذبحاً بَين يَدي الْعجل وبرح مسمعاً غَدا عيد السَّيِّد فَلَمَّا قَامُوا صباحاً قربوا لَهُ قرباناً وأهدوا لَهُ هَدَايَا وَقَعَدت الْعَامَّة تَأْكُل وتشرب وَقَامُوا للعب ثمَّ ذكر إقبال مُوسَى وَأَنه لما تدانى من المعسكر بصر بالعجل وجماعات تتغنى وَبعد ذَلِك ذكر أَنه قَالَ لهارون مَاذَا فعلت بك هَذِه الْأمة إِذْ جعلتم تذنبون ذَنبا عَظِيما فَقَالَ لَهُ هَارُون لَا تغْضب سَيِّدي فَإنَّك تعرف رَأْي هَذِه الْأمة فِي الشَّرّ قَالُوا لي اعْمَلْ لنا إِلَهًا يتقدمنا لأننا نجهل مَا أصَاب مُوسَى الَّذِي أخرجنَا من مصر فَقلت لَهُم من كَانَ عِنْده مِنْكُم ذهب فليقبل بِهِ إِلَيّ وألقيته فِي النَّار وَخرج لَهُم مِنْهُ هَذَا الْعجل فَلَمَّا رأى مُوسَى الْقَوْم قد تعروا وَكَانَ هَارُون قد عراهم بِجَهَالَة قلبه وصيرهم بَين يَدي أعدائهم عُرَاة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ هَذَا الْفَصْل عَفا على مَا قبله وطم عَلَيْهِ أَن يكون هَارُون وَهُوَ نَبِي مُرْسل يتَعَمَّد أَن يعْمل لِقَوْمِهِ إِلَهًا يعبدونه من دون الله عز وَجل وينادي عَلَيْهِ غَدا عيد السَّيِّد وَيَبْنِي للعجل مذبحاً ويساعدهم على تقريب القربان للعجل ثمَّ يجردهم ويكشف استاههم للرقص وللغناء أَمَام الْعجل إِلَّا أَن تكون أَحَق

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست