اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 123
سنة هَذِه شهرة لَا نَظِير لَهُ وَكذب لَا يخفى على أحد وباطل يقطع بِأَنَّهُ لَا يُمكن الْبَتَّةَ أَن يَعْتَقِدهُ أحد فِي رَأسه شيءٌ من دماغ صَحِيح لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكذب الله تَعَالَى فِي دقيقة وَلَا أَن يكذب رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَامِدًا وَلَا مخطئاً فِي دقيقة فيقره الله تَعَالَى على ذَلِك فَكيف وَلَا بُد أَن يسْقط من هَذِه الْمدَّة سنّ قاهاث إِذْ ولد لَهُ عمرَان وَسن عمرَان إِذْ ولد لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَالصَّحِيح الَّذِي يخرج على نُصُوص كتبهمْ أَن مُدَّة بني إِسْرَائِيل مذ دخل يَعْقُوب وَبَنوهُ مصر إِلَى أَن خَرجُوا مِنْهَا مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لم تكن إِلَّا مِائَتي عَام وَسَبْعَة عشر عَاما فَهَذِهِ كذبة فِي مِائَتي عَام وَثَلَاثَة عشر عَاما وَلَو لم يكن فِي توراتهم إِلَّا هَذِه الكذبة وَحدهَا لكفت فِي أَنَّهَا مَوْضُوعَة مبدلة من حمَار فِي جَهله أَو مستخف سخر بهم وَلَا بُد
فصل
وَبعد ذَلِك قَالَ وَعند ذَلِك مجد مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل بِهَذِهِ السُّورَة وَقَالُوا مجد بِنَا السَّيِّد فَإِنَّهُ يعظم ويشرف وَأغْرقَ فِي الْبَحْر الْفرس وراكبه قوتي ومديحي للسَّيِّد وَقد صَار خلاصي هَذَا إلهي أمجده وإله أبي أعظمه السَّيِّد قَاتل كَالرّجلِ الْقَادِر وَفِي السّفر الْخَامِس اعلموا أَن السَّيِّد إِلَهكُم الَّذِي هُوَ نارٌ أكول
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ هَذِه سوءة من السوءات لتشبيه الله عز وَجل بِالرجلِ الْقَادِر ويخبر بِأَنَّهُ نَار هَذِه مُصِيبَة لَا تجبر وَلَقَد قَالَ بَعضهم أَلَيْسَ الله تَعَالَى يَقُول عنْدكُمْ {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قلت نعم وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ سَأَلَهُ أَبُو ذَر هَل رَأَيْت رَبك فَقَالَ نورٌ أَنى أرَاهُ وَهَذَا بَين ظَاهر أَنه لم يعن النُّور المرئي لَكِن نور لَا يرى فلاح أَن معنى نور السَّمَوَات وَالْأَرْض إِذْ ثَبت أَنه لَيْسَ هُوَ النُّور المرئي الملون أَنه الْهَادِي لأهلهما فَقَط وَأَن النُّور اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى فَقَط وَأما قَوْله تَعَالَى {مثل نوره كمشكاة فِيهَا مِصْبَاح الْمِصْبَاح فِي زجاجة} إِلَى قَوْله {وَلَو لم تمسسه نَار} فَإِنَّهُ شبه نوره الَّذِي يهدي بِهِ أولياءه بِالْمِصْبَاحِ الَّذِي ذكر فَإِنَّهُ شبه مخلوقاً بمخلوق وَبَيَان ذَلِك قَوْله تَعَالَى مُتَّصِلا بالْكلَام الْمَذْكُور فِي الْآيَة نَفسهَا {نور على نور يهدي الله لنوره من يَشَاء} فصح مَا قُلْنَاهُ يَقِينا من أَنه تَعَالَى إِنَّمَا عَنى بنوره هداه للْمُؤْمِنين فَقَط وَهَذَا أصح تَشْبِيه يكون لِأَن نور هداه فِي ظلمَة الْكفْر كالمصباح فِي ظلمَة اللَّيْل
فصل