responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 115
إِلَيْهِ كَمَا قَالَه بعض أَرْبَاب هَذَا القَوْل أَو بِدُونِ رد الْحَيَاة كَمَا قَالَه آخَرُونَ مِنْهُم فَهَؤُلَاءِ عِنْدهم لَا عَذَاب فِي البرزخ إِلَّا على الأجساد ومقابلهم من يَقُول أَن الرّوح لَا تُعَاد إِلَى الْجَسَد بِوَجْه وَلَا تتصل بِهِ وَالْعَذَاب وَالنَّعِيم على الرّوح فَقَط وَالسّنة الصَّرِيحَة المتواترة ترد قَول هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء وَتبين أَن الْعَذَاب على الرّوح والجسد مُجْتَمعين ومنفردين
فَإِن قيل فقد ذكرْتُمْ أَقْوَال النَّاس فِي مُسْتَقر الْأَرْوَاح ومأخذهم فَمَا هُوَ الرَّاجِح من هَذِه الْأَقْوَال حَتَّى نعتقده
قيل الْأَرْوَاح مُتَفَاوِتَة فِي مستقرها فِي البرزخ أعظم تفَاوت فَمِنْهَا أَرْوَاح فِي أَعلَى عليين فِي الملا الْأَعْلَى وَهِي أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم وهم متفاوتون فِي مَنَازِلهمْ كَمَا رَآهُمْ النَّبِي لَيْلَة الْإِسْرَاء
وَمِنْهَا أَرْوَاح فِي حواصل طير خضر تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت وَهِي أَرْوَاح بعض الشُّهَدَاء لَا جَمِيعهم بل من الشُّهَدَاء من تحبس روحه عَن دُخُول الْجنَّة لدين عَلَيْهِ أَو غَيره كَمَا فِي الْمسند عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن جحش أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي فَقَالَ يَا رَسُول الله مَالِي إِن قتلت فِي سَبِيل الله قَالَ الْجنَّة فَلَمَّا ولى قَالَ إِلَّا الَّذين سَارَّنِي بِهِ جِبْرِيل آنِفا
وَمِنْهُم من يكون مَحْبُوسًا على بَاب الْجنَّة كَمَا فِي الحَدِيث الآخر رَأَيْت صَاحبكُم مَحْبُوسًا على بَاب الْجنَّة
وَمِنْهُم من يكون مَحْبُوسًا فِي قَبره كَحَدِيث صَاحب الشملة الَّتِي غلها ثمَّ اسْتشْهد فَقَالَ النَّاس هَنِيئًا لَهُ الْجنَّة فَقَالَ النَّبِي وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الشملة الَّتِي غلها لتشتعل عَلَيْهِ نَارا فِي قَبره
وَمِنْهُم من يكون مقره بَاب الْجنَّة كَمَا فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس الشُّهَدَاء على بارق نهر بِبَاب الْجنَّة فِي قبَّة خضراء يخرج عَلَيْهِم رزقهم من الْجنَّة بكرَة وَعَشِيَّة رَوَاهُ أَحْمد وَهَذَا بِخِلَاف جَعْفَر بن أَبى طَالب حَيْثُ أبدله الله من يَدَيْهِ جناحين يطير بهما فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَ
وَمِنْهُم من يكون مَحْبُوسًا فِي الأَرْض لم لَعَلَّ روحه إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى فَإِنَّهَا كَانَت روحا سفلية أرضية فَإِن الْأَنْفس الأرضية لَا تجامع الْأَنْفس السماوية كَمَا لَا تجامعها فِي الدُّنْيَا وَالنَّفس الَّتِي لم تكتسب فِي الدُّنْيَا معرفَة رَبهَا ومحبته وَذكره والأنس بِهِ والتقرب إِلَيْهِ بل هِيَ أرضية سفلية لَا تكون بعد الْمُفَارقَة لبدنها إِلَّا هُنَاكَ كَمَا أَن النَّفس العلوية الَّتِي كَانَت فِي الدُّنْيَا عاكفة

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 115
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست