responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 114
فان قيل فَهَذَا هُوَ القَوْل بالتناسخ وحلول الْأَرْوَاح فِي أبدان غير أبدانها الَّتِي كَانَت فِيهَا
قيل هَذَا الْمَعْنى الَّذِي دلّت عَلَيْهِ السّنة الصَّرِيحَة حق يجب اعْتِقَاده وَلَا يُبطلهُ تسميه الْمُسَمّى لَهُ تناسخا كَمَا أَن إِثْبَات مَا دلّ عَلَيْهِ الْعقل وَالنَّقْل من صِفَات الله عز وَجل وحقائق أَسْمَائِهِ الْحسنى حق لَا يُبطلهُ تَسْمِيَة المعطلين لَهَا تركيبا وتجسيما وَكَذَلِكَ مَا دلّ عَلَيْهِ الْعقل وَالنَّقْل من إِثْبَات أَفعاله وَكَلَامه بمشيئته ونزوله كل لَيْلَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا ومجيئه يَوْم الْقِيَامَة للفصل بَين عباده حق لَا يُبطلهُ تَسْمِيَة المعطلين لَهُ حُلُول حوادث كَمَا أَن مَا دلّ عَلَيْهِ الْعقل وَالنَّقْل من علو الله على خلقه ومباينته لَهُم واستوائه على عَرْشه وعروج الْمَلَائِكَة وَالروح إِلَيْهِ ونزولها من عِنْده وصعود الْكَلم الطّيب إِلَيْهِ وعروج رَسُوله إِلَيْهِ ودنوه مِنْهُ حَتَّى صَار قاب قوسين أَو أدنى وَغير ذَلِك من الْأَدِلَّة حق لَا يُبطلهُ تَسْمِيَة الْجَهْمِية لَهُ حيزا وجهة وتجسيما
قَالَ الإِمَام أَحْمد لَا نزيل عَن الله صفة من صِفَاته لأجل شناعة المشنعين فان هَذَا شَأْن أهل الْبدع يلقبون أهل السّنة وأقوالها بِالْأَلْقَابِ الَّتِي ينفرون مِنْهُ الْجُهَّال ويسمونها حَشْوًا وتركيبا وتجسيما ويسمون عرش الرب تبَارك وَتَعَالَى حيزا وجهة ليتوصلوا بذلك إِلَى نفي علوه على خلقه واستوائه على عَرْشه كَمَا تسمى الرافضة مُوالَاة أَصْحَاب رَسُول الله كلهم ومحبتهم وَالدُّعَاء لَهُم نصا وكما تسمى الْقَدَرِيَّة الْمَجُوسِيَّة إِثْبَات الْقدر جبرا فَلَيْسَ الشَّأْن فِي الألقاب وَإِنَّمَا الشَّأْن فِي الْحَقَائِق وَالْمَقْصُود أَن تَسْمِيَة مَا دلّت عَلَيْهِ الصَّرِيحَة من جعل أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضر تناسخا لَا يبطل هَذَا الْمَعْنى وَإِنَّمَا التناسخ الْبَاطِل مَا تَقوله أَعدَاء الرُّسُل من الْمَلَاحِدَة وَغَيرهم الَّذين يُنكرُونَ الْمعَاد أَن الْأَرْوَاح تصير بعد مُفَارقَة الْأَبدَان إِلَى أَجنَاس الْحَيَوَان والحشرات والطيور الَّتِي تناسبها وتشاكلها فَإِذا فَارَقت هَذِه الْأَبدَان انْتَقَلت إِلَى أبدان تِلْكَ الْحَيَوَانَات فتنعم فِيهَا أَو تعذب ثمَّ تفارقها وَتحل فِي أبدان أخر تناسب أَعمالهَا وأخلاقها وَهَكَذَا أبدا فَهَذَا معادها عِنْدهم وَنَعِيمهَا وعذابها لَا معاد لَهَا عِنْدهم غير ذَلِك فَهَذَا هُوَ التناسخ الْبَاطِل الْمُخَالف لما اتّفقت عَلَيْهِ الرُّسُل والأنبياء من أَوَّلهمْ إِلَى آخِرهم وَهُوَ كفر بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَهَذِه الطَّائِفَة يَقُولُونَ أَن مُسْتَقر الْأَرْوَاح بعد الْمُفَارقَة أبدان الْحَيَوَانَات الَّتِي تناسبها وَهُوَ ابطل قَول وأخبثه ويليه قَول من قَالَ إِن الْأَرْوَاح تعدم جملَة بِالْمَوْتِ وَلَا تبقى هُنَاكَ روح تنعم وَلَا تعذب بل النَّعيم وَالْعَذَاب يَقع على أَجزَاء الْجَسَد أَو جُزْء مِنْهُ أما عجب أَو غَيره فيخلق الله فِيهِ الْأَلَم واللذة أما بِوَاسِطَة رد الْحَيَاة

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست