اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 97
حدث غير الهلالي قال كان من فتيان بني هلال فتى يقال له بشر بن عبد الله وكان يعرف بالأشتر وكان من سادات بني هلال أحسنهم وجها وأسخاهم كفا وكان مغرماً بجارية من قومه تدعى جيدا وكانت بارعة الجمال والكمال ثم اشتهر أمره وأمرها وظهر خبرهما بين أهليهما إلى أن كانت بين الفريقين ثم افترقوا وأبعدت منازلهم فقال غير فلما طال على الأشتر الفراق وتمادى البعد جاءني فقال يا غير هل لك من خبر ثم ما عندي ألا ما أجبته فقال تساعدني على زيارة جيد فقد أذهب الشوق روحي فقلت نعم بالحب والكرامة فانهض بنا إذا شئت وركبت وسرنا يومنا وليلتنا والغد حتى إذا كان العشاء أنخنا راحلتنا في شعب قريب من الفريق فقال يا غير أذهب فتأنس بالناس وأذكر أن لقيت أحداً أنك صاحب ضالة ولا تعرض بذكرى بين شفة ولا لسان إلى أن تلقى جاريتها فلانة ترعى غنمهم فأقرئها مني السلام وسلها عن الخبر وأعلمها بموضعي قال فخرجت لأعدو إلى ما أمرني به حتى لقيت الجارية وأبلغتها الرسالة وأعلمتها مكانة وسألتها عن الخبر وأعلمتها بموضعي فقالت هي والله مشدد عليها تحفظ بها ولكن مواعدكم أوائل الشجرات اللواتي عند أعقاب البيوت مع صلاة العشاء قال فانصرف إلى صاحبي فأعلمته الخبر ثم نهضت أنا وهو نقود راحلتنا أتينا الموضع في الوقت المعهود فلم نلبث ألا قليلاً وإذا جيد تمشي قريباً منا فوثب الأشتر فصاحبها وسلم عليها وقمت أنا موليا عنهما فقالا نقسم عليك بالله ألا ما رجعت فوالله ما نحن في مكروه ولا بيننا ما يستر عنك فرجعت إليهما وجلست معهما فقال الأشتر ما فيك حيلة يا جيد نتعلل الليلة قالت لا والله ومالي إلى ذلك سبيل إلا أن يرجع الذي عرفت من البلاء والشر فقال لها لا بد من ذلك ولو كان ما عسى أن يكون قالت فهل في صاحبك هذا من خير قلت قولي ما بدا لك فأني انتهى إلى رأيك ولو كان فيه ذهاب روحي فخلعت ثيابها وقالت ألبسها وأعطني ثيابك ففعلت ثم قالت أذهب إلى بيتي وأدخل في سربي فأن زوجي سيأتيك بعد فراغه من الحيلة والقدح مملوء فيقول هاك غبوقك فلا تأخذ منه حتى تطل ذلك عليه ثم خذه أو دعه حتى يضعه ويذهب فلست تراه حتى تصبح إن شاء الله تعالى قال فذهبت ففعلت ما أمرتني به حتى إذا جاء بالقدح لم آخذه حتى نكد عليه ثم أهويت لأخذه منه وأهوى هو ليضعه فاختلفت أيدينا على الإناء فانكفأ القدح وأنهرق اللبن فقال أن هذا لطماح جداً وضرب بيده إلى مقدم البيت واستخرج سوطاً ملويا مثل الثعبان ثم دخل فهتك الستر عليّ ومتع السوط مني تمام عشرين سوطا ثم جاءت أمه وأخته فانتزعاه من يده لا والله ما فعلا ذلك حتى زال عقلي وهممت أن أجبه بالسكين وأن كان فيها الموت فلما خرجوا شددت سترى وقعدت كما كنت فلم البث إلا قليلاً حتى دخلت أم جيد فكلمتني وهي لا تشك أني بنتها واندفعت في البكاء والنحيب وتغطيت بثوبي ووليتها ظهري فقالت يا بنية اتقى الله في نفسك ولا تعرضي بمكروه زوجك فذاك أولى بك وأما الأشتر فذاك آخر الدهر وخرجت من عندي وقالت سأرسل إليك أختك تؤنسك الليلة فما لبثت غير دقيقة وإذا الجارية قد جاءت فجعلت تبكي وتدعو على من ضربني وأنا لا أكلمها ثم انضجعت إلى جنبي فلما استمكنت منها شددت يدي على فيها وقلت يا هذه تلك أختك مع الأشتر وقد قطع ظهري الليلة بسببها وأنت أولى بالستر عليها فاختاري لنفسك ولها ولئن والله تكلمت بكلمة لأصيحن أنا بجهدي حتى تكون الفضيحة شاملتهم فلما سمعت ذلك دفعت يدي عن فيها واهتزت كما يهتز القضيب فلم أزل بها حتى أنست بي فباتت والله معي أحسن رفيق رافقته ولم نزل نتحدث وتضحك مني وما نالني وتمكنت منها تمكن من لو أراد زنية فعلها ولكن الله عصم فله الحمد ولم نزل كذلك حتى طلع الفجر وإذا جيد قد دخلت علينا فلما رأتنا ارتاعت وقالت ويحك من هذه فقلت أختك قالت وما الخبر قلت تخبرك فإنها والله نعم الأخت وأخذت ثيابي ومضيت إلى صاحبي فركبت أنا وهو وحدثته ما أصابني وكشفت له عن ظهري فإذا فيه ضرب رمى الله ضاربه بالنار كل شربة يخرج منها الدم فلما رآني كذلك قال لقد عظم صنعك ووجب شكرك وطالت يدك فلا أحرمني الله مكافأتك ولم يزل شاكراً معترفاً.
الليلة الخامسة
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 97