اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 96
فجعلت الجارية تصيح هذا والله الغناء لا ما نحن فيه وشرب القوم وسكروا وبقي في صاحب المنزل مسكة لجودة شربه فأمر غلمانهم بحفظهم إلى منازلهم وانصرفوا وخلوت معه وشرب أقداحا ثم قال يا سيدي ذهب ما مضى من عمري هدرا إذ لم أكن أعرف مثلك ولم أحاضر رئيسا يشبهك فبالله يا مولاي من أنت لأعرف نديمي فأخذت أروي عليه وهو يقسم علي إلى أن أعلمته من أنا على الحقيقة فوثب قائماً على قدميه وقال لقد عجبت أن يكون هذا الفعل إلا لمثلك ولقد أسدى الزمان إلى يد ألا أقوم بشكرها ومتى طمعت بأن يزورني ذو الخلافة في منزلي وينادمني ما هذا ألا في المنام فلا أتممت ليلتي ألا قائماً بين يديك إذ كنت أحقر أن أجالس ذا الخلافة فأقسمت عليه إلى أن جلس ثم أخذ يسألني ما السبب في حضوري عنده بألطف معنى فأخبرته يا أمير المؤمنين بالقصة من أولها إلى آخرها وما سترت منها شيئاً ثم قلت أما الطعام فنلت منه بغيتي وأما الكف والمعصم إن شاء الله ثم قال يا فلانة قولي لفلانة جارية له تنزل وجعل يستدعي واحدة واحدة ويعرضها علي وأنا لا أدري صاحبتي إلى أن قال والله ما بقي غير أمي وأختي والله لينزلن فعجبت من كرمه وسعة صدره فقلت جعلت فداك ابدأ بالأخت فقال حباً وكرامة ثم نزلت أخته فأراني يدها فإذا هي التي رأيتها فقلت حسبك هذه الجارية فأمر غلمانه لوقته واستدعى عشرة مشايخ سماهم لهم ثم قام فأخرج بدرتين عشرين ألف درهم وحضرت المشايخ فقال لهم هذا سيدي إبراهيم بن المهدي يخطب مني أختي فلانة وأشهدكم أني قد زوجتها له وأمهرتها له عشر آلاف درهم فقلت له قبلت ورضيت النكاح فشهدوا علينا ثم دفع البدرة الواحدة إلى أخته والأخرى فرقها على المشايخ ثم قال أعذروا فهذا ما حضر فشكروا ودعوا له وانصرفوا ثم قال يا سيدي أمهد لك بعض البيوت وتنام مع أهلك فاحتشمني وما رأيت من كرمه واستحييت أن أخلوا بها داره فقلت بل أحضر عمارية وأجهزها وأحملها إلى منزلي فوحقك يا أمير المؤمنين لقد حمل إليّ من الجهاز ما ضاقت عنه بيوتنا على سعتها فأولدتها هذا الغلام القائم بين يديك يا أمير المؤمنين فعجب المأمون من كرم هذا الرجل فقال لله دره ما سمعت قط بمثله ثم أطلق الطفيلي بإجارة إبراهيم وأمر بإحضار الرجل ليشاهده فأحضر بين يديه فاستنطقه فأعجبه وصار من جملة خواصه ومحاضرته.
الليلة الرابعة
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 96