اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 77
فمتى سلكت من الهموم مهالكا ... صادفت في فتح الدنان مطالبا
ومتى امتطيت من الكئوس كميتها ... أمسيت تمشي في المسرة راكبا
ومتى طرقت عشى أنس ديرها ... لم تلق إلا راغبا أو راهبا
وقال الشيخ عز الدين الموصلي لنفسه تغمده الله برحمته:
لأن شبه الساقي المداد بعسجد ... فقد مال بالتشبيه عن صنعة الأدب
ولكن رآها جوهرا سميت طلا ... فموّه لما حلت الكاس بالذهب
ونقلت من خط الشيخ بدر الدين البشتكي لنفسه:
وخمار هدينا في الدياجى ... بجذوة كأسه وسنا النديم
سألنا منه عن خمر حديثنا ... فأخبرنا عن العصر القديم
قلت: وعلى ذكر الحديث قال أبو بكر بن عياش كنت وسفيان الثوري وشريك نمشي بين الحيرة والكوفة فرأينا شيخا أبيض الرأس واللحية حسن السمت فقلنا هذا شيخ جليل قد سمع الحديث ورأى الناس وكان سفيان أطلبنا للحديث وأشدنا بحثا وأعلمنا به وأحفظنا له فتقدم إلى الشيخ وسلم عليه ثم قال له أعندك شيء من الحديث فقال له أما الحديث فلا ولكن عندي عتيق سنين قال فنظرنا فإذا الشيخ خمار.
نادرة: قيل لخالد بن صفوان أتمل الحديث قال إنما العتيق يمل.
رجوع. وقال المرحوم فخر الدين بن مكانس:
من شرطنا إن أسكرتنا الطلا ... صرفا تداوينا بشرب اللما
نعاف مزج الماء في كأسها ... لا آخذ الله السكارى بما
وقال بدر الدين بن الصاحب:
يأيها العاصر بادر إلى ... عنقودك الفاخر في كرمه
إياك أن تتركه ساعة ... تزبب النحس على أمه
وقال مجير الدين بن تميم:
وليلة بت اسقي في غياهبها ... راحا تسل شبابي من يد الهرم
مازلت أشربها حتى نظرت إلى ... غزالة الصبح ترعى نرجس الظلم
ولما تمثلت في أواخر سنة خمس وتسعين وسبعمائة بين يدي سيدنا ومولانا أوحد العصر من غير مدافع ولا منازع أقضى القضاة بدر الدين محمد بن أبي بكر المخزومي الشهير بالدماميني أسبغ الله ظلاله تذاكرنا بين يديه الكريمة الكتب وحسن أسمائها فأخبرنا أنه في زمن الصبا جمع مقاطيع من الخمريات وسماها مقاطع الشرب تأمل ما ألطف هذه التسمية.
القصائد قال الشيخ العالم المفنن البارع صدر الدين محمد بن المرحل ويعرف في الشأم بابن وكيل بيت المال تغمده الله بالرحمة (مولده سنة خمس وستين وستمائة ووفاته سنة ست عشرة وسبعمائة رحمه الله تعالى) :
ليذهبوا في ملامى أية ذهب ... في الخمر لا فضة تبقى ولا ذهب
لا تأسفن على مال تمزقه ... أيدي سقاة الطلا والخرد العرب
والمال أجمل وجه فيه تصرفه ... وجه جميل وراح في الدجى لهب
فما كسوا راحتي من راحها حللا ... إلا وعرّوا فؤادي الهم واستلبوا
راح بها راحتي في راحتي حصلت ... فنمى عجبي بها وازداد بي العجب
إذ ينبع الدر حلو من مذاقته ... والتبر منسبك في الكأس منسكب
وليست الكيمياء في غيرها وجدت ... وكل ما قيل في أبوابها كذب
قيراط خمر على القنطار من حزن ... يعيد ذلك أفراحا وينقلب
عناصر أربع في الكأس قد جمعت ... وفوقها الفلك السيار والشهب
ماء ونار وهواء أرضها قدح ... وطوقها فلك والأنجم الحبب
ما الكاس عندي بأطراف الأنامل بل ... بالخمس تقبض لا يخلو لها الهرب
شججت بالماء منها الرأس موضحة ... فحين أعقلها بالخمس لا عجب
وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي لو لم يقل الشيخ صدر الدين من الشعر إلا هذا البيت لكان قد أتى بشيء غريب نهاية في البديع لقد غاص فيه عل المعنى ودق تحيله فيه:
وما تركت بها الخمس التي وجبت ... وإن رأوا تركها من بعض ما يجب
وإن أقطب وجهي حين تبسم لي ... فعند بسط الموالي يحسن الأدب
هذا البيت أيضاً بديع المعنى دقيقه وقد اعتذر عن اقتضابه بأحسن عذر وأوضحه وما أحسن قول ابن رشيق:
أحب أخي وإن أعرضت عنه ... وأقل على سامعه كلامي
ولي في وجهه تقطيب راض ... كما قطبت في وجهه المدام
وتتمة الأبيات:
عاطيتها من بنات الترك عاطية ... لحاظها للأسود الغلب قد غلبوا
هيفاء جارية للراح ساقية ... من فوق ساقية تجري وتنسكب
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 77