responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 264
فسرت علينا من الطير عصابة أظللتنا من أجنحتها سحابة من كل طائر أقلع يرتاد مرتعا فوجدوا الكن مصرعاً وآسف يبعى ماء حماماً فورد ولكن القسم منقعاً وحلق في الفضاء يبغي ملعباً فبات هو واشياعه للقسى سجدا ركعا فتبركنا بذلك الوجه الجميل وتداركنا أوائل ذلك القبيل فاستقبل أولنا ثم بدره وعظم في نوعه قدره كأنه برق كرع في غسق أو صبح عطف على بقية الدجى عطف النسق تحسبه في أسداف المنى غرة نحج وتخاله تحت أذيال الدجى طرة صبح عليه من البياض حلة وقار وله كرة من عنبر فوق منقار من قار له عنق ظليم والتفاتة ريم وسرى كيم يصرفه نسيم:
كلون المشيب وعصر الشبا ... ب ووقت الوصال ويوم الظفر
كأن الدجى غار من لونه ... فأمسك منقاره ثم فر
فأرسل إليه عن الهلال نجما فأسقط منه ما كبر بما سقط حجما فاستبشر بنجاحه وكبر عند صباحه وحصله من وسط الماء بجناحه وتلاه كي نقى اللباس مشتعل شيب الرأس كأنه في عرانين يشبه لأوائله كبير أناس إن أسف في طيرانه فغمام، وإن خفق بجناحه قطع له بيد النسيم زمام ذو عيبة كالجراب ومنقار كالحراب ولون ثغر في الدجى كالنجم ويخدع في الضحى كالسراب ظاهر الهرم كأنما يخبر عن عاد ويحدث عن أرم:
إن عام في زرق الغدير حسبته ... مبيض غيم في أديم سماء
أو طار في أفق السماء ظننته ... في الجو شيخاً عائماً في ماء
متناقض الأوصاف فيه خفة الج ... هال تحت رزانة العلماء
فثنى الثاني إليه عنان بندقه وتوخاه فيما بين أصل رأسه وعنقه فخر كمارد انقض عليه نجم من أفقه فتلقاه الكبير بالتكبير واختطفه قبل مصافحته من الماء وجه الغدير وقارنته أوزة حلتها دكنا وحلبتها حسنا لها في الفضاء مجال وعلى طيرانها خفة ذوات التبرج وخفر ربات الحجال كأنما عبت في ذهب أو خاضت في لهب تختال في مشيتها كالكاعب وتتأتى في خطوها كاللاعب وتعطو بجيدها كالطير البهير وتتدافع في سبرها مشى القطاة إلى الغدير:
إذا قبلت تمشى فخطرة كاعب ... رداح وأن صاحت فصولة خادم
وإن أقلعت قالت لها الريح ليت لي ... خفا ذي الخوافي أو قوى ذي القوادم
فأنعم بها في البعد زاد مسافر ... وأكرم بها في القرب تحفة قادم فلوى الثالث جيده إليها وعطف بوجه قوسه عليها فلحت في ترفعها ممعنة ثم نزلت على حكمه مذعنة فأعجلها عن استكمالها الهبوط ورفعها قبل استقرارها السقوط واستولى عليها بعد استمرارها القنوط وحاذتها الغلغة تحكى لون وشيها وتصف حسن مشيها وترى عليها بغرتها وتنافسها في المجالس كضرتها كأنها مدامة قطبت بمائها أو كمامة سفت عن بعض نجوم سمائها:
بغرة بيضاء ميمونة ... تشرق في الليل كبدر التمام
وان تبدت في الضحى خلتها ... في الحلة الدكنا برق الغمام
فنهض الرابع لاستقبالها ورماها عن فلك سعده بنجم وبالها فجدت في العلو مدة وطارت أمام بندقه ولولا اطراد الصيد لم تك لذة وانقض عليها من يده شهاب حتفها وأدركها الأجل لخفة طيرانها من خلفها فوقعت من الأفق في كفه وفرت من ثنايا واصفها عن صفة وأتت في أثرها أنيسة آنسة كأنها العذراء العانسة أو الأرماء الكانسة وعليها خفر الأبكار وخفة ذوات الأوكار وحلاوة المعاني التي تجلى على الإفقار ولها أنس الربيب وإذلال الحبيب وتلفت الزائر المريب من خوف الرقيب ذات عنق كالإبريق أو الغصن الوريق قد جمع صفرته النهار إلى حمرة الشفق وصدر بهي الملبوس شهي إلى النفوس كأنما رقم فيه النهار بالليل أو نقش العاج بالأبنوس وجناح ينجيها من العطب يحكى لونه المنديل الرطب لولا أنه حطب مدبجة الصدر تفويفه أصناف إلى الليل ضوء النهار لها عنق خاله له من رآه شقائق قد سيحت بالبهار.
فوثب الخامس منها إلى الغنيمة ونظم في سلكه تلك الدرة اليتيمة وحصل بتحصيلها بين الرماة على الرتبة الجسيمة وأتى على صياحها حبرج تسبق همته جناحه ويغلب خفق فؤاده صياحه مدبج المطا كأنه خلع حلة منكبيه على القطا ينظر من ذهب ويخطو على عود من لهب:
يزور الرياض ويجفو الحياض ... ويشبه في اللون كدر القطا
ويهوى الزروع ويلهو بها ... فلا يرد الماء الأخطا
فبدره السادس قبل ارتفاعه وأعان قويسه بامتداد باغه فخر على آلائه كبسطام بن قيس وانقض عليه راميه فحصله بحذق وحمله بكيس.

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست