اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 262
والاختيار في باب النجوم فهو اختيار الحرب والوجه أن يكون صاحب السابع في الطالع فيكون المتبوع مأسوراً ويكون القمر مناظراً لأحد السعدين أو متصلاً به في برج ذوات أربع قوائم، قال أبو سهل النويحتى وصاحب الطالع فيه الزهرة والمشتري يسعدها بنظره وهذا معدن من معادن علم النجوم.
الشيخ جمال الدين بن نباتة يقرض رسالة بندقية ومن بندقية لها الشرف الرفيع على كل قول والطرف البعيد على كل ذي صوغ من اللفظ وصول وصف فيها الرياض فكأنما وصف كلامه وذكر فيها الواجب فكأنما ذكر بحقوق هذه الصناعة قيامه فما قوس السماء بدا في مصباغات غلائله ورمى ببندق برده الجذب في مقاتله بأبهج من وصفه لتلك القسى المذبحة الجافية المتعطفة الجانية إلا على الطير الممتنع الصائبة بعيون أوتارها شمله المجتمع قسى قاسية الجوانح لينة إلا على الجوارح طالعة أهلتها بفناء السوانح والبوارح ومبتذلة مكرمه صامتة إلا أنها لذوات الجوارح مكملة قادرة على العطاء والعطب باهرة الفضائل التي لولا بدائع الصنع لما نبتت منها في عصب قد ألفت الرياض فلبست بعض بردوها وطلبت شأو السماء فنثرت مثل عقودها تقوم بالواجب وتعين بعين وحاجب وتأخذ على الطير المطار وتذكر قيامها تحته وهى غصن فتطالبه بأوتار كأن كل قوس منها حاجبان وقبضته البلج وكأن بيدقها طالب ما فتح باب نجاح وجناح إلا ولج ولج ومن غزالية غزلية براعية أسلية تقنص فيها شوارد الحكم وقيد أو ابدأ المعاني بجناح القرطاس ومخلب القلم وتصرف من تقريظ مواطن الصيد في باب المنايا والمنايح وتلطف في الأقوال التي لو شاء لعطف عليها الظباء السوانح وأتى بعيون الدرر التي نظمت وفنون الحلل التي رقمت لا بالجزع الذي لم ينقب من عيون الوحش ولا بمناديل أعراف الجياد التي غيرها المس والمش حتى عرت البلغاء أنها أقوى على دفع الخطب وسجع الخطب وأن أقلامهم إذا شاركت قلمه في المعاني كان منه الصيد ومنها الخطب وان غزالا وصفه قد سرف على الغزالة وزهى بما حشد من التقريظ وغزاله فلو استطاع الشكر منه كرما لسطر مدحه فكان الخط دواة والقرن قلما على أن عدل قلمه لو شاء لم ترع ظبية في مداها ولم تخف من مناسر البزاة حد مداها ولم تبلغ يد منهم من ريم مراما ولكانت عينه بل كل عين في جسده من أعين الظباء حراما وله فيها:
أسعد بها يا قمري برزة ... سعيدة الطالع والغارب
صرعت طيرا وسكنت الحشى ... فما تعديت عن الواجب
وللشيخ جمال الدين بن نباتة من رسالة طردية حاملين قسيا كالأهله لا جرم أنها تقصر لذوات الجناح عمرا متأبطين حرا وآت يقول الطير عن حواملها هذا الذي تسميه العرب تأبط شراً.
ومن إنشاء القاضي شهاب الدين محمود الحلبي: وبرزنا وشمس الأصيل تجود بنفسها وتسير من الأفق الغربي إلى موضع رمسها، وتغازل عيون النور بمقلة أرمد وتنظر إلى صفحات الورد نظر المربض، إلى وجوه العود فكأنها كثيب أمسى من الفراق على فرق، أو عليل تقضى بين صحبة بقايا مدة الرمق، وقد أضلت عيون النور لوداعها وهم الروض بخلع حلته المموهة بذهب شعاعها.
والطل في أعين النوار تحسبه ... دمعاً تحير لم يرقى ولم يكف
كاللؤلؤ ظل عطف الغصن متشحاً ... بعقده وتندى منه في شنف
يضم من سندس الأوراق في صرر ... خضر ويجنى من الأزهار في صدف
والشمس في طفل الإمساء تنظر من ... طرف غدا وهو من خوف الفراق خفى
كعاشق سارعن أحبابه وهفا ... به الهوى فتراهم على شرف
إلى أن نضا المغرب عن الأفق ذهب قلائدها وعوضه عنها من النجوم بخدمها وولائدها فلبثنا بعد أداء الفرض لبث الأهلة ومنعنا جفوننا أن ترد النوم إلا نحلة ونهضنا وبرد الليل موشع وعقده مرصع وإكليله مجوهر وأديمه معنبر وبدره في خدر سراره مستكن وفجره في حشا مطالعه سستجبن كأن امتزاج لونه بشفق الكواكب خليط مسك وصندل وكأن ثرياه لامتداده معلقة بأمراس كتان إلى صم جندل:
ولاحت نجوم الليل زهرا كأنها ... عقود على خود من الزنج تنظم
محلقة في الجو تحسب أنها ... طيور على نهر المجرة حوم
إذا لاح بازى الصبح ولت يؤمها ... إلى الغرب خوفاً منه بسر ومزرم
إلى حدائق ملتفة وجداول محتفة إذا جمش النسيم كصونها اعتنقت عناق الأحباب.
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 262