responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 261
الجوارح أربعة البازي والشاهين والصقر والعقاب وما يضاف إليها فنقتصر على ذكر هذه الأربعة إذا كانت أركان الجوارح ومعتمد الملوك عليها فالمبدأ به منها البازي يقال باز وبزاة مثل قاض وقضاة وبيزان كغاز وغيزان وبازي وبوازي قال لبيد بن ربيعة:
لقيت لنا بوازي صائدات ... وطيرك في مكامنها لبود
وأول من تهدى إلى الصيد به تقدم ذكره ولا يعرف كحرصه حرصاً ولا كجده جداً وفي أخبار نصر بن سيار أن بعض كبراء الدهاقين غدا عليه بطبرستان ومعه منديل فيه شيء ملفف فكشف عنه بين يديه فإذا فيه هيئة شلوباز ودراجة محترقين فقال نصر ما هذا فقال الرجل خرجت ومعي هذا البازي وثارت دراجة فاضطرب عليها وأحسست به وقد كنت مررت بقصباء أفسدت أرضا لي فأمرت بإحراقها فاضطرمت فتحاملت الدراجة حتى اقتحمت النار هاربة واشتد قربه إليها فلم تثنه النار عنها واقتحم في أثرها فأسرعت فيهما فأدركتهما النار واحترقا فأحضرتهما للأمير ليرى بهما ثمرة إفراط الحرص وإفراط الجبن وما أحسن صورة اجتمع فيها ثلاث بزاة على ظهر فرس في كف رجل واختلف رأى الملوك فيما مثلته في تيجانها ولباسها، فكانت أمثلة تاج ملك جيلان ولباسه صورة بزاة فقيل له في ذلك فقال وجدت الإنسان يحمله الفرس ووجدت البازي يحمله الإنسان لينال عليه لذته وبغيته وطرده ووجدته أيضاً ملك نوعه وإذا كنت أحمله جسماً في الحقيقة فلا أعاب به فأنا في تمثيله وحمله مثالاً في لباسي وحلتي أعذر.
ومن فضائله: أن الصيد فيه طبع لأنه يؤخذ فرخاً من وكره من غير أن يكون حذق ولا تصيد مع أبويه فيصيد ابتداء من غير تضربة ولا استجابة وليس ذلك في الصقر والصقر بعكسه ومن ملح أخباره وأمثاله أن خالد بن برمك قال بينما أبو أيوب الكاتب جالس في أمره ونهيه إذ أتاه رسول المنصور فامتقع لونه فلما رجع تعجبنا من حاله، فقال أنا اضرب لكم مثلاً زعموا أن البازي قال للديك ما في الأرض حيوان أقل وفاء منك قال وكيف ذلك قال أخذك أهلك بيضة فحضنوك ثم خرجت على أيديهم وأطعموك في أكفهم ونشأت بينهم حتى إذا كبرت لا يدنو إليك أحد إلا طرت مرة كذا وصوتت وحذرت، وأنا مسوني من الجبال فعلموني وألقوني في الهواء فآخذ صيدي فأجئ به إلى صاحبي، فقال له الديك إنك لو رأيت من البزاة في سفافيدهم مثل الذي من الديوك لكنت أنفر مني ولكنكم أنتم لو لمتم ما أعلم ما تعجبتم من خوفي مع ما ترون من تمكن حالي وأقول إن هذا المثل يتصل به معنى حسن لكفاءة السلطان وأعوانه وهو أنه ينبغي لتابع السلطان أن يجتهد في توفير الحظ واجتلاب المنافع إليه حتى يكون كالبازي الذي دفع عن نفسه ما وقع الديكفيه برغبة صاحبه في كسبه ووده ولم يقنع له بالسلامة حتى أكرمه بالدستيان وأركبه يده وحلاه الجلجل وأطعمه من خالص كسبه ومن غير كسبه وعجز الديك عن هذه الفضائل والمكاسب واقتصر على شهوة الفساد والترفه واللفظ فحل به ما حل.
أمارات الجراءة فيه: يمتحن ذلك بأن ينصب في بيت مضيء ثم يقطع عنه الضوء ويسد ما يدخل إليه من النور فإذا أظلم البيت دنوت من البازي فلمسته مسرعاً فإن وثب على يدك وقبضها فهو جزيء بصيد عظام الطير وأن تقبض وسكن فليس كذلك، ومن أمارات القوة أن يشد في زاوية البيت وينظر أين يبلغ بزرقه من الحائط فأرفعها زرقاً أشدها قوة على طيرانه وصيده.
ومن ملح ما ورد في التعريض باسمه قال التميميين لرجل من نمير ما أحسن صيد البازي فقال له النميري لاسيما إذا أرسل على القطار أراد التميمي:
أنا البازي المطل على نمير ... أتيح من السماء لها انصبابا
وأراد النميري:
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا ... ولو سلكت سبل المكارم ضلت
قلت وما أحسن جواب بعض الشعراء وقد حضر بين يدي أمير يمدحه فقال له الأمير ممن الرجل فقال من بني تميم فقال الذين يقول فيهم القائل:
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا
فقال بتلك الهداية جئتك فخجل الأمير وسأله كتمانها بعد الإجازة.
الأوقات المحمودة للصيد يوم الغيم الذي لا مطر فيه ويوم المطر للقصف ويوم الصحو للقاء الناس والملوك تغلس للطرد لأن الطرائد في ذلك الوقت تكون رابضة فتستثار وفيها أثر النوم وأما يوم الصيد فالسبت، وقد قيل في ذلك:
لنعم اليوم يوم السبت حقاً ... لصيد إن أردت بلا امتراء

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست