responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 259
ومن رسالة لأبي إسحاق إبراهيم بن خفاجة يصف بازياً طائرا يستدل بظاهر صفاته على كرم ذاته طورا ينظر نظر الخيلاء في عطفه كأنما يزهى به جبار وتارة يرمى نحو السماء بطرفه كأنما له هناك اعتبار وأخلق به أن ينقض على قنبصة شهابا ويلوي ذهاباً ويحرقه مواقد والتهابا حميد العين والأثر حديد السمع والبصر يكاد يحس ما يجرى ببال ويسري في خيال قد جمع بين عزة مليك وطاعة مملوك فهو بما يشتمل عليه من علو الهمة ويرجع إليه بمقتضى الخدمة مؤهل لإبراز ها تقتضيه شمائله وإيجاب ما تعديه مخائله وخليق بمحكم تأديبه وجودة تركيبه أن لو مثل له النجم قنصا أو جرى للبرق فصصا لاختطفه أسرع من لحظه وأطوع من لفظه وانتشبه أمضى هن سهم وأجرى من وهم وقد أقسم بشرف جوهره وكرم عنصره لا بوجه مسفرا إلا وعاد قنيصه معفراً وآب إلى يد من أرسله مظفرا مورد المخلب والمنقار كأنما اختضب، نحبا أو كرع في عقار.
وصفاته المحمودة: أن يكون صغيراً في المنظر ثقيلا في الميزان طويل الساقين قصير الفخذين عظيم السلاح بالنسبة إلى جسمه.
القول على الصقر: وهو من الجوارح بمنزلة البغال من الدواب لأنه أصبر على الشدة وأحمل لغليظ الغداء وأحسن إلفا وأشد إقداماً على جملة الطير من الكراكي والجوارح ومزاجه أبرد من سائر ما تقدم وأرطب وذلك معروف من ركوده وقلة حركته وعدم التفات ريشه وبهذا السبب يضرأ على الغزال والأرنب ولا يضرأ على الطير لأنها تفوته وفعله في صيده الانقضاض والصرم وهو غير صاف بجناحه ولا خافق به ومتى خفق بجناحه كانت حركته بطيئة بخلاف البازى وتقول أصحاب البيزرة أنه أهدى نفسا من البازي وأسرع أنسا بالناس وأكثرها رضا وقناعة وهو يغتدي بلحوم ذوات الأربع ولبرد مزاجه لا يقرب المياه ويعافها ولو لم يجدها الدهر ما أرادها ولأجل ذلك يوصف بالبخر ونتن الفم، وفى طبعه أنه لا يركب الشجر ولا شوامخ الجبال ولا يأوي إلا المقابر والكهوف وصدوع الجبال وفيه جبن ونفسه دون سدته ولذلك يضرب الغزال والأرنب ولهرب منه ولا يكاد يعلق بفريسة فإذا فارقها عاد إليها منقضاً فيضر بها ويرقى هارباً وكلما تقدم ذكره ينقى بالماء ويغتسل وهو ينقى بالتمعك في الرمل.
وصفاته المحمودة أن يكون أحمر اللون عظيم الهامة واسع العينين تام المنسر طويل العنق والجناحين رحب الصدر ممتلىء الزور عريض الوسط جليل الفخذين قصير الساقين والذنب قريب الفقرة سبط الكف غليظ الأصابع فيروزجيها أسود اللسان، وأول من صاد به وضراه الحارث بن معاوية بن ثور بن كندة فإنه وقف يوماً على صياد قد نصب للعصافير شبكة فانقض صقر على عصفور قد علق فجعل يأكله والحارث يعجب فأمر فأتى وقد اندق جناحاه فرمى به في كسر بيت ووكل به من يطعمه قدرته حتى صار إذا أتى إليه باللحم ودعاه أجاب ثم صار يطعمه على اليد ثم صار يحمله لانسه به فبينما هو يوما يحمله إذ رأى حمامة فطار عن يده إليها فأخذها واكلها، فأمر الحارث باتخاذها والتصيد بها فبينما هو يوما يسير إذ لاحت له أرنب فطار الصقر إليها وأخذها. فلما رآه يعاقب بين الطيور وبين الأرانب ازداد الحرث فيه محبة واغتباطاً واتخذته العرب بعده.
وقال كشاجم فيه:
عدونا وطرف النجم وسنان غائر ... وقد نزل الاصباح والليل سائر
بأجدل من حمر الصقور مؤدب ... وأكرم ما قربت منه الاحامر
جرى على قتل الظباء وإننى ... ليعجبني أن يكسر الوحش طائر
قصير الذبانى والقدامى كأنها ... قوادم نسر أو سيوف بواتر
ونقش منه جؤجؤ فكأنه ... أعارته أعجام الحروف الدفاتر
فما زلت بالاضمار حتى صبغته ... وليس يحوز السبق إلا ضوامر
وتحمله منا أكف كريمة ... كما زهيت بالخاطبين المنابر
وعن لنا هن جانب السفح ربرب ... على سنن تسستن منه الجآذر
فحلى وحلت عقدة السير فانتحى ... لأولها إذ أمكنته الأواخر
يحث جناحيه على حر وجهه ... كما فصلت فوق الخدود المعاجر
وما تم رجع الطرف حتى رأيتها ... مصرعة تهوى إليها الحناجر

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست