responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 118
قال فطرب لغنائها واستعاد الصوت مرارا وشرب أرطالاً وسأل الجارية عن صائغه فأمسكت فاستدناها فتقاعست فأمر بها فأقيمت بين يديه فأخبرته بشيء أسرته إليه فدعى بحماره فركبه وانصرف ثم التفت إلى إبراهيم وقال له ما ضرك إلا أن تكون خليقة فكادت نفسه تخرج حتى عاد بعد ذلك وأدناه قال وكان الذي أخبرته أن الصنعة في الصوت لأخته علية وكانت الجارية لها فوجهتها إلى إبراهيم يطارحها عنها لمكانته عندها قال قال لي الرشيد يا إبراهيم بكر حتى نصطبح فقلت أنا والصبح فرسي رهان نستبق إلى حضرتك فبكرت فإذا أنا خال وبين يديه جارية كأنها خوط بان أو جذل عنان حلوة المنظر فغنت في شعر لأبي نواس:
توهمه طرفي فأصبح خده ... وفيه مكان الوهم من نظري أثر
ومر بفكري خاطر فخرجته ... ولم أر جسما قط يجرحه الفكر
وصافحه كفى فا آلم كفه ... فمن غمز كفى أنامله عقر
قال إبراهيم فذهبت والله بعقلي حتى كدت أفتضح فقلت من هذه يا أمير المؤمنين قال هذه الذي يقول فيها الشاعر: لها قلبي الغداة وقلبها لي ... فنحن كذاك في جسدين روح ثم قال لها غني فغنت: تقول غداة البين إحدى نسائهم ... لي الكبد الحر فسر ولك الصبر وقد خنقها عبرة فدموعها ... على خدها بيض وفي نحرها صفر قال: فشرب وسقاها وقال غن يا إبراهيم فغنيت حسب ما في قلبي غير متحفظ من شيء:
تشرب قلبي حبها ومشى به ... تمشي حمى الكأس في جسم شارب
ودب هواها في عظامي فشقها ... كما دب في الملسوع سم العقارب
قال ففطن لتعريضي فكانت جهلة مني فأمرني بالانصراف ولم يدع بي شهرا ولا حضرت مجلسه فلما أن مضى شهر دس إليّ خادما معه رقعة مكتوب فيها:
قد تخوفت أن أموت من الوج? ... د ولم يدر من هويت بما بي
يا كتابي أقرى السلام على من ... لا يسمى وقل له يا كتابي
كف صب إليكم كتبتي ... فارحموا كاتبي وردوا جوابي
إن كفا إليكم كتبتني ... كفا صب فؤاده في العذاب
فأتاني الخادم بالرقعة فقلت ما هذه فقال رقعة الجارية التي غنتك بين يدي أمير المؤمنين فأحسست بالقصة فشتمت الخادم ووثبت عليه وضربته ضرباً شفيت به نفسي وغيظي وركبت إلى الرشيد من فوري فأخبرته بالقصة وأعطيته الرقعة فضحك حتى كاد يستلقي ثم قال على عمد فعلت ذلك بك لامتحن مذهبك وطريقتك ثم دعا بالخادم فلما رآني قال لي قطع الله يديك ورجليك ويلك قتلتني فقلت القتل والله كان بعض حقك ولكني رحمتك وأخبرت أمير المؤمنين حتى يأتي في عقوبتك بما تستحقه فأمر لي بصلة سنية والله يعلم أني ما فعلت ذلك عفافا لكن خوفا.
قلت: وقريب من هذه الحكاية ما نقلته من خط الشيخ بدر الدين البشتكي سلمه الله تعالى وهو أن الوزير أبا عامر أحمد بن مروان بن عبد الملك بن عمر بن عيسى بن محمد ابن شهيد كان أهدى له غلاماً من النصارى لا تقع العيون على شبهه فلمحه الناصر فقال أني لك هذا قال هو من عند الله فقال تحفونا بالنجوم وتستأثرون بالقمر فاستعذر واحتفل في هدية بعثها له مع الغلام وقال يا بني كن من جملة ما بعثت به لولا الضرورة ما سمحت بك نفسي وكتب معه:
أمولاى هذا البدر صار لافقكم ... وللأفق أولى بالبدور من الأرض
أرضيكم بالنفس وهي نفيسة ... ولم أرى قبلي من بمهجته يرض
فحسن ذلك عند الملك وأتحفه بمال جزيل وتمكنت عنده مكانته ثم أنه بعد ذلك أهديت ابليه جارية من أجمل نسء الدنيا فخاف أن ينمي ذلك إلى الناصر فيطلبها فتكون قضية الغلام فاحتفل في هدية أعظم من الأولى وبعثها معها أبيه وكتب له:
أمولاى هذي الشمس والبدر أولا ... تقدم كيما يلتقي القمران
قران لعمري بالسعادة ناطق ... فدم منهما في كوثر وجنان
فما لهما والله في الحسن ثالث ... ولا لك ملك البرية ثان

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست