وهم
يقسمونها إلى قسمين: (سياحة لتعلم أحكام الدين وأساس الشريعة، وسياحة لآداب
العبودية ورياضة النفس، فمن رجع من سياحة الأحكام قام بلسانه يدعو الخلق إلى ربه،
ومن رجع من سياحة الآداب والرياضة قام في الخلق يؤدبهم بأخلاقه وشمائله، وسياحة :
هي سياحة، للحق، وهي رؤية أهل الحق والتأدب بآدابهم) [1].
وقد
كان هذا الاهتمام محل إنكار من الشيخ ابن تيمية خصوصا، ثم من جاء بعده، وبناء عليه ركز على تحريم السياحة لغير المساجد
الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجد النبي a، ذلك لأن الصوفية كانوا
يقصدون من سياحتهم زيارة الصالحين، وأضرحتهم، ويقيمون هناك الكثير من حضرات الذكر
التي لا يرضى عنها هذا الاتجاه.
ومع
ذلك فقد ساهمت هذه السياحات في خدمة الدعوة الإسلامية، ونشر الإسلام في مناطق لم
تصلها جنود المسلمين، والحقائق التاريخية تشهد بأن أكثر من أسلم في إفريقيا وآسيا
وحتى أوروبا كان له علاقة بالسياحة الصوفية.
ولذلك
كانت الطريقة العلاوية تهتم بالسياحة، وخصوصا في بلاد القبائل بسبب تعرضها الشديد
للمبشرين.
وقد
كان للشيخ العلاوي خصوصا سياحات يتفقد فيها مختلف الزوايا التي شيدها في الجزائر وخارجها،
وكلما زار مدينة من المدن، يستقبله أهلها الفقراء بفرح كبير، ويحتفلون بقدومه
ويسهرون معه الليالي بالذكر والمذاكرة، ويعرضون عليه مشاكلهم، وجميع ما
[1] عمر بن سعيد الفوتي،
رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم ( بهامش جواهر المعاني )، ج 1 ص 17.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 219