اسم الکتاب : دراسات أصولية في القرآن الكريم المؤلف : الحفناوى، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 205
فكلمة (الأيدى) فى الآية الأولى وردت مقيدة إلى المرافق، فى حين وردت مطلقة فى الآية الثانية. والمتأمل فى الآيتين يجد أن الحكم فى كل منهما مختلف ومغاير للآخر، فهو فى الآية الأولى «وجوب غسل الأيدى» وفى الثانية «قطع يد السارق والسارقة».
كما يجد سبب الحكم فى كليهما مختلف أيضا، فهو فى الآية الأولى الحدث مع إدارة الصلاة، وفى الثانية السرقة وقد قال العلماء [1]: إن المطلق فى هذه الحالة لا يحمل على المقيد، بل يعمل بالمطلق على إطلاقه كما يعمل بالمقيد على تقييده، سواء كانا مأمورين أو منهيين أو مختلفين، وسواء اتحد السبب أو اختلف كما ذكر الآمدى [2]. إذا لا صلة ولا ارتباط أصلا بين موضوعى النصين.
غير أن بعض الكاتبين كالقرافى رحمه الله ذهب إلى القول بحمل المطلق على القيد فى حالة اختلاف الحكم ما دام السبب واحدا، ومثّل لما اتحد سببها بقوله تعالى فى آية الوضوء: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وقوله تعالى فى آية التيمم:
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [3] فاليد فى الوضوء مقيدة بقوله: إِلَى الْمَرافِقِ ولكنها فى التيمم مطلقة، مع أن السبب واحد وهو الحدث والحكم مختلف فيها، لأن الحكم فى الوضوء وجوب الغسل وفى التيمم وجوب المسح، وبذلك تحمل اليد فى التيمم على اليد إلى المرافق حملا للمطلق على المقيد [4]. [1] الإحكام لآمدى 2/ 162 وحاشية المعد 2/ 156، وارشاد الفحول 166. [2] المرجع الأول السابق. [3] سورة النساء الآية 43. [4] تنقيح الفصول للقرافى 266، 267، ومسلم الثبوت 1/ 361.
هذا، وقد قال العلماء: إن ما بعد (إلى) إن كان من جنس ما قبلها كان داخلا فى الحكم كما فى قوله تعالى: (إلى المرافق) وإلا فلا كقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: 187]- تفسير القرطبي 1/ 702 -
اسم الکتاب : دراسات أصولية في القرآن الكريم المؤلف : الحفناوى، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 205