اسم الکتاب : أنس المسجون وراحة المحزون المؤلف : الحلبي، صفي الدين الجزء : 1 صفحة : 151
الدّولة بعد شهور، بأن واطأه صالح على قبض طاشتم وكتب إليه يعرّفه عمل [1]، ويستأذنه فيما يعمله.
وكان لمحمد خادم خصيّ يلي أمر داره أسود يسمى ناصحا وكان بعد القبض على محمد قد وقع إلى عضد الدّولة وهو بفارس، فصار من وجوه خدمه، فلما ورد الخبر بفتح القلعة أذكره ناصح بوعد كان له عليه في إطلاق مولاه محمد إذا فتح القلعة. فكتب يطلبه في القلعة، فإن وجد حيّا أن يطلق عنه، وينفذ إليه مكرّما. فحين دخل صالح ومعه بعض من صعد إلى القلعة من أصحاب عضد الدّولة إلى محمد في محبسه جزع جزعا شديدا، ولم يشكّ أنّهم دخلوا بأمر أبي تغلب لقتله، فأخذ يتضرّع ويقول: ما يدعو أخي إلى قتلي؟.
فقالوا له: لا خوف عليك. فإنّما أمرنا الملك أن نطلق عنك، وتمضي إليه مكرّما، فقد ملك هذه البلاد. فقال: أغلب ملك الرّوم على هذه النواحي، وفتحت له القلعة؟ قالوا: لا، ولكن الملك عضد الدولة. قال:
الذي كان بشيراز؟ قالوا: نعم. قال محمد: فأين بختيار؟ قالوا: قتل.
قال: فأين أبو تغلب؟ قالوا: انهزم ودخل بلد الرّوم. قال: فالملك عضد الدّولة أين هو؟ قالوا: بالموصل، وقد أمر أن نحملك إليه مكرّما. فسجد حينئذ، وبكى بكاء شديدا، وحمد الله تعالى كثيرا، وجاؤوا ليفكّوا قيده، فقال: لا أمكّن من ذلك إلا بعد أن يشاهد حالي الملك.
فحمل إلى الموصل فرأيته وقد أصعد به مقيّدا من [المعبر الذي عبر فيه في] [2] دجلة إلى دار أبي تغلب التي نزلها عضد الدّولة، وأنا إذ ذاك أتولاها له، فرأيت محمدا يمشي في أقياده حتى دخل فقبّل الأرض بين يديه، ودعا له وأخرج إلى حجرة من الدّار، فأخذ حديده، وحمل على فرس فاره بمركب [1] كذا في الأصل، وفي الفرج بعد الشدة: يعرفه بما عمله. [2] ما بين معقوفين مستدرك من الفرج بعد الشدة.
اسم الکتاب : أنس المسجون وراحة المحزون المؤلف : الحلبي، صفي الدين الجزء : 1 صفحة : 151