اسم الکتاب : أنس المسجون وراحة المحزون المؤلف : الحلبي، صفي الدين الجزء : 1 صفحة : 150
ثم اتّفق أن انحدر أبو تغلب معاونا لعزّ الدّولة أبي منصور بختيار بن معزّ الدولة [1] ومعهما العساكر يقصدان بغداد لمحاربة عضد الدولة [2] وقد خرج للقائهما فكانت بينهما الوقعة العظيمة المشهورة بقرب قصر الجصّ [3]، فقتل فيها عزّ الدولة، وانهزم أبو تغلب، فدخل الموصل وخاف أن يتخلّص محمد، فكتب إلى غلام له كانت القلعة مسلّمة له يقال له طاشتم [4]: في أن يمكّن رئيسا من رؤوساء الأكراد يقال له صالح كان كالشّريك لطاشتم في حفظ القلعة من محمّد ليمضي فيه ما أمره به. وكتب إلى صالح يأمره بقتل محمّد أخيه. فمكّن طاشتم صالحا، فلما أراد الدّخول على محمد ليقتله، منعت نازيانوا من ذلك وقالت: لا أمكّن من هذا إلا بكتاب يرد عليّ من الأمير.
وشارف عضد الدولة الموصل، فانجفل عنها أبو تغلب وكردته [5] العساكر فاشتدّ عليه الطّلب، وورد عليه كتاب صالح بما قالت نازيانوا. فإلى أن أجاب عنه أحاطت بعض عساكر عضد الدّولة بقلعة أردمشت ونازلوها فانقطعت الأخبار ما بينهما وبين أبي تغلب، ولم يصل له إليها كتاب، ثم فتحها عضد [1] بختيار بن الحسين معز الدّولة بن بويه الديلي، تولى الحكم في العراق بعد وفاة أبيه سنة 356، وكان سيء التدبير، فأفسد عليه جنده، كان منصرفا للهو توفي سنة 367. [2] عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو بن أبي علي الحسن ركن الدولة بن بويه، أحد المتغلبين على الملك في عهد الدولة العباسية، تولى ملك فارس ثم الموصل وبلاد الجزيرة، كان مهيبا جبارا عسوفا عالما بالعربية، كان محبا للعمران. أنشأ البيمارستان العضدي ببغداد، وعمّر القناطر والجسور، توفي سنة 372. الأعلام. [3] قصر الجصّ: قصر عظيم قرب سامراء، بناه المعتصم للنزهة. معجم البلدان 4/ 110. [4] طاشتم من مماليك أبي تغلب، كان عاقلا أمينا دينا، أناط به سيده حفظ قلعة أردمشت شريكا لصالح بن بانويه، فلمّا حاصرها عضد الدولة، سلمها ابن بانويه إليهم وقبض على طاشتم وتسلمه عضد الدولة فبعث به إلى أبي تغلب فقتله. عن حاشية الفرج بعد الشدة. [5] في الأصل كدّته، وما أثبتناه من الفرج بعد الشدة: والكرد: الطرد: القاموس (كرد).
اسم الکتاب : أنس المسجون وراحة المحزون المؤلف : الحلبي، صفي الدين الجزء : 1 صفحة : 150