responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 168
ضرب المثل؛ لما لذلك من أثر قوي في تقرير الفكرة المطلوبة في الأذهان. وربما بدا في بعض الأحيان مستطردًا، على نحو ما صنع في إيراد أجزاء من الرسالة التي بعث بها إليه أحد القراء، ولكننا ما نلبث أن ندرك أن هذا الاستطراد لم يخرج بنا عن صلب الموضوع، وأنه كان نوعًا من الاستشهاد بالوقائع، شأنه شأن ضرب الأمثال. وأخيرًا, فإن المادة الغزيرة المتنوعة التي بنى منها الكاتب موضوعه كانت مترابطة الأجزاء, ومتسلسلة تسلسلًا منطقيًّا مقنعًا.

3- الخاطرة:
والخاطرة من الأنواع النثرية الحديثة التي نشأت في حجر الصحافة, ولكنها تختلف عن المقال من عدة وجوه:
فالخاطرة ليست فكرة ناضجة وليدة زمن بعيد، ولكنها فكرة عارضة طارئة.
وليست فكرة تعرض من كل الوجوه, بل هي مجرد لمحة.
وليست كالمقالة مجالًا للأخذ والرد، ولا هي تحتاج إلى الأسانيد والحجج القوية لإثبات صدقها، بل هي أقرب إلى الطابع الغنائي. وما زلت أذكر للأستاذ الدكتور أحمد أمين "وكان من كتاب الخاطرة, وقد جمع خواطره في عدة مجلدات" تلك الخاطرة التي كتبها عن قطعة الورق التي مزقها وهو جالس إلى البحر فحمل الريح أجزاءها وذهب بكل جزء إلى جهة ما, كما تصنع الحياة بالناس ومصائرهم. فهنا لا نجد فكرة تحتمل الاتفاق أو الاختلاف، ولكنها لمحة ذهنية بمناسبة ذلك الحادث العرضي "تمزيق الورقة" محملة بمشاعر الكاتب.
ثم لا ننسى الاختلاف في الطول، فالخاطرة أقصر من المقال، وهي لا تجاوز كثيرًا نصف عمود من الصحيفة، وعمودًا من المجلة. وإذا ذكرنا الصحيفة والمجلة فإنما نذكرهما لنعود لتقرير أن الخاطرة في وقتنا قد أصبحت عنصرًا صحفيًّا نطالعه في كل جريدة وكل مجلة، والصحف تعطي هذا العنصر عنوانًا ثابتًا؛ لأن الخاطرة تكون عادة -وهي تختلف في ذلك أيضًا عن المقال- بلا عنوان. من هذه العناوين: "فكرة"، "نحو النور"، "شموع تحترق"، "ما قل ودل".. إلخ.
وهذا النوع الأدبي يحتاج في الكاتب إلى الذكاء، وقوة الملاحظة، ويقظة الوجدان، وهو يتمشى مع الطابع الصحفي العام في الاهتمام بالأشياء الصغيرة السريعة وتفضيلها على الكتابات المطولة. وأهميتها تأتي من أنها تستطيع لفت القارئ إلى الأشياء الصغيرة في الحياة، التي لها دلالة كبيرة.

اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست