responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 167
السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب
ثم يتجه إلى الكاتب بهذا السؤال: "أتراك بموجب هذا تحكم على هذا البيت من الشعر بالبعد عن الفن الرفيع لكونه يقرر حقيقة تقريرية؟ ".
ويجيب الكاتب بأن ذلك البيت "ما كان ليكون شعرًا في الأساس إذا لم تكن مفرداته قد صيغت في هذا النظام الخاص، ووقعت في هذا الوزن الخاص، فهذا وذاك يكونان "الشكل" الذي هو جواز المرور المبدئي لدخوله في دنيا الفن". وعلى هذا الأساس يمضي الكاتب في بيان كيف يمكن له دراسته وتحليله على أساس معطياته الشكلية؛ ليبين موقعه من الفن الرفيع.
على أنه يعود مرة أخرى فلا ينكر أهمية الزوايا الأخرى التي يمكن النظر منها إلى ذلك البيت، فهي بكل تأكيد تزيد القارئ فهمًا، فالمعرفة بالخلفية التاريخية أو الاجتماعية لبيت تزيد دلالته الفعلية وضوحًا لدى القارئ, ومع ذلك فإن هذا البيت "يظل بشكله الفني شعرًا رفيعًا".
وعند هذا المدى يكون الكاتب قد بسط موضوعه بسطًا كافيًا، وعرض أفكاره المتعلقة به عرضًا شافيًا، فلم يعد يبقى سوى كلمة ختام يذكر فيها الكاتب خلاصة كل هذه الأفكار، والنتيجة الأخيرة التي يراد من القارئ أن يعيها في ذاكرته، إما ليأخذ منها أو يعارضها، وهي أن الحياة قد علمته أن "مدينة الفكر كثيرة الأبواب"، بمعنى "أن الموضوع الواحد يمكن للفكر أن يتناوله من عدة جهات، دون أن تجيء الأحكام عن الجوانب المختلفة مناقضًا بعضها لبعض، بل هي قد تكون متكاملة يقوي بعضها بعضا" وعند ذلك يتضح لنا أن هذه النتيجة هي التي صيغ منها عنوان المقال، الذي هو أول شيء يلقاه القارئ. وعلى هذا النحو تلتئم نهاية المقال ببدايته، وتقفل الدائرة، وتصبح كل الأفكار الجزئية التي اشتمل عليها المقال بمثابة الخلايا المتفاعلة في الكيان العضوي الحي.
وهكذا يكشف لنا هذا المقال عن كثير من أسرار النجاح في هذا الفن من الكتابة. فمن الواضح أن الكاتب قد اختار فكرة أساسية محورية دارت حولها أفكاره الأخرى المستمدة من مجالات مختلفة وكانت في خدمتها. وهو كذلك قد قلب الفكرة فنظر إليها من وجوه مختلفة، واعتمد في هذا على قراءته الفلسفية مرة، والأدبية مرة، كما اعتمد على خبراته الشخصية وتجاربه في الحياة. وهو في كثير من المواضع كان يلجأ إلى

اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست