responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 145
النفسية والمشكلات العامة الإنسانية؛ ولذلك فإننا نقرأ المسرحية أو نشاهدها دون أن تنشأ بيننا وبينها علاقة بالمعنى الدقيق، قد يلفتنا فيها اتصالها بتلك الفترة التاريخية التي لها في نفوس العرب -بصفة عامة- أصداء حزينة، وقد تثير فيها لونًا من الذكريات الإسبانية، ولكن هذا كله شيء واتصالنا بصميم المسرحية شيء آخر. فليس في المسرحية مشكلة فكرية تتصل بنا، وليس فيها مشكلة نفسية تهم كل فرد منا، ولكنها -كما رأينا- تقوم على ذلك الصراع الحسي بين أناس يسعون إلى الحكم، وهم في سعيهم إليه يتخذون كل وسيلة، بالخداع أحيانًا والتهديد أحيانًا، والتضحية إذا لزم الأمر، وما شاكل ذلك من الوسيلة العنيفة أو اللينة التي يلجأ إليها كل من وجد في مثل هذا الموقف، موقف الساعي في سبيل الحصول على الحكم. فإذا وقفنا بعيدًا عن هذه المسرحية، بمشكلاتنا وبمشاعرنا وبكياننا بما نحن أفراد في هذه الإنسانية، ولم نحس بارتباط حيوي بيننا وبينها، فإن ذلك مرجعه إلى أن المسرحية قامت على ذلك الصراع الحسي البعيد عن كل فرد منا، ومن ثم كانت فرصة الاستمتاع بهذه المسرحية من هذه الوجهة فرصة ضئيلة جدا, إذا لم نقل: إنها معدومة. قد تروعنا أشياء أخرى في هذه المسرحية نعجب بها عند قراءتها أو عند مشاهدتها، ولكن هذه الأشياء بعيدة عن صميم العمل المسرحي. ستعجبنا -بلا شك- تلك الأناقة الواضحة في اللغة الشعرية، وهذه الصنعة الدقيقة التي في الشعر، سيعجبنا هذا من ناحية مستقلة كل الاستقلال عن المسرحية، فنقول: إن هذه "القطعة من الشعر" التي جاءت على لسان فلان من الشخصيات قطعة رائعة، فيها صناعة شكلية دقيقة ممتازة, ولكن إعجابنا بهذا شيء آخر لا دخل له بالمسرحية. بعبارة أخرى مجملة نقول: إن إعجابنا "بشعر" هذه المسرحية لا يعني بالضرورة أننا نعجب بالمسرحية ذاتها, وقد يختلف الكثيرون في إعجابهم بهذه الناحية أيضًا، فالصنعة في العمل الشعري شيء ممقوت، وقد زاد المؤلف على هذه الصنعة نوعًا من التكلف, فهو لا تواتيه الفرصة لأن يستخدم صورًا بديعية ولا يستخدمها. ومن أمثلة ذلك:
تصدت له رومية فانطوى لها ... "وأسلم حتى كاد أن ينتصرا"
وقوله:
فلتجمعي ولنمض إما حجة ... "لجني المنى أو حجة لمنون"
بل أكثر من هذا أنه يمضي في البحث وراء الألفاظ الغريبة، فهو لا يستخدم كلمة "الموج" ويمضي يبحث عن كلمة غريبة تؤدي المعنى, فيجد أمامه كلمة "الدفاع", ويجد كلمة "فرصة" سائرة على الألسن فيجتنبها ويبحث عن كلمة غريبة -نوعًا ما- فيجد

اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست