responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 146
كلمة "نهزة"، فيستخدمها. وهذا الاحتفال بالصنعة الشعرية قد لا يرضى عنه الكثيرون، وعند هؤلاء ستفقد المسرحية كل ما فيها، ستفقد جوهرها المسرحي، وستفقد أهمية الشعر فيها.
والظاهرة الأساسية الأخرى للعمل المسرحي هي -كما عرفنا أيضًا- الحوار. فالمسرحية قطعة من الحياة، والشخصيات فيها عناصر بارزة تتحرك أمامنا وتتحدث ويتصل بعضها ببعض في صورة عملية لا عن طريق حكاية سردية. فالشخصية أمامنا دائمًا، نراها ونستمع إليها، وهي تعبر عن موقفها وعن شخصيتها أو عن ذاتها بأسلوبها الخاص, وهنا يكون للغة دور خطير في تصوير هذه الشخصيات. وإذا قلنا: إن المسرحية تصور لنا الحياة أقرب ما تكون إلى الواقع كان ذلك معناه أننا ننتظر دائمًا أن يتحدث الأشخاص بعضهم إلى بعض على النحو الذي يمكن أن يتمثل لنا في الحياة العادية. والحوار الذي يدور بين الناس في الحياة العادية تكون له أهميته بمقدار ما يستمد من حيوات الأشخاص المتكلمين، فالشخصيات الحية المتدفقة الحياة يصدر عنها حديث يتمتع بقسط كبير من الحيوية، فحيوية الحوار مرتبطة -إلى حد بعيد- بحيوية الأشخاص، وحيوية الأشخاص مرجعها إلى مواقفهم الفكرية أو النفسية العميقة التي يحسون بها إحساسًا قويًّا، ويصدرون في حديثهم عنها. وهي تتمثل في تلك الحركة النفسية أو الفكرية التي تدور داخل هذه الشخصيات, بعبارة أخرى: فإن حيوية الحوار مرجعها إلى الحركة الذهنية أو النفسية التي تقع في داخل الشخصيات، والشخصيات في تفاعلها وفي اتصالها بعضها ببعض تعبر عن تلك الحركة في لغتها, فإذا بتعبيرها يتمتع بقسط كبير من الحركة والحيوية.
وكل من يقرأ مسرحية "غروب الأندلس" يفتقد فيها الحيوية اللازمة؛ لأن اللغة فيها لم تكن تتصل اتصالًا مباشرًا بالشخصيات، فلم تكن تدل على كل شخصية متميزة كل التميز عن الأخرى، وبنظرة فاحصة إلى الشعر الذي نقرؤه في هذه المسرحية نستطيع أن نعرف السبب في فقدانها الحيوية اللازمة. فالملاحظ أن أسلوب الشعر كان نمطًا واحدًا عند كل الشخصيات، ولم يكن فيه التنويع والتلوين اللذان يحددان كل شخصية ويحددان موقفها؛ ولذلك نستطيع أن نقرأ في بعض الحالات ما يقرب من عشرين بيتًا في وزن واحد وقافية واحدة وتيار نفسي واحد. ثم إذا بنا نجد هذه الأبيات قد قسمت تقسيمًا ما بين شخصين أو أكثر، والانتقال من حيث شخصية إلى أخرى لا نكاد نشعر به في كل حالة، بل يخيل للقارئ أنه يقرأ كلامًا متصلًا لشخصية واحدة، وكأنه على صلة بهذه الشخصية وحدها دون غيرها من الشخصيات التي وجدت في الموقف! وهذا

اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل    الجزء : 1  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست