اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 143
مصري معاصر. ولعله ذكر مصر والمصريين وما وقع لهم في هذه الأيام الأخيرة أكثر مما ذكر غرناطة وأهلها وما جرى عليهم من الأحداث.
وكان من الممكن أن تؤدي المسرحية مهمتها الاجتماعية إذا اتبع فيها الكاتب طريقة أخرى، هي أن يقتصر على الحادثة التاريخية يصورها لنا في الإطار المسرحي تصويرًا فنيًّا، ويضع في خلال هذا التصوير العناصر المسرحية التي تثير في القارئ شعورًا نفسيًّا موازيًا، فإذا به في كل موقف من المواقف يقف أمام التاريخ لينظر إلى واقع، ويستنتج، ويحس إحساسًا عميقًا بهذا الواقع، ولكن بطريقة غير مباشرة، وكأنه ينبع من وجدانه الخاص، وعندئذ كان المؤلف يظل مرتبطًا في كل لحظة بالتاريخ وبما تم في الفترة التي يصورها، تاركًا القارئ يرسم -موازيًا له- خطا آخر للحياة الواقعة التي يحياها. وإذا كانت مهمة العمل الفني أن يجعلنا نحس بحياتنا إحساسًا أعمق، ونلمس مشكلاتنا عن قرب، فإن المسرحية في هذه الحالة -برغم أنها تصور لنا فترة تاريخية قديمة- تكون قد نجحت في أن تؤدي هذه المهمة الحيوية أداء فنيا. ولكن عزيز أباظة لم يترك للقارئ لحظة واحدة ينظر فيها إلى التاريخ الذي يصوره لنا ليستنبط ويستخرج المضمونات، فكان في كل مناسبة يستنبط للقارئ ويضع أمامه النتائج؛ بل أكثر من هذا فقد كان يعقب على هذه النتائج ويستخلص منها الحكمة، وأوضح مثال على ذلك نهاية كثير من المشاهد ونهايات الفصول، فأكثر هذه النهايات يكون عادة حكمة تلخص لنا الموقف أو تلخص لنا الفصل.
في نهاية الفصل الأول نقرأ -قبل إسدال الستار مباشرة:
من لم يدعم بالأسنة ملكه ... والحزم، بات مفزعًا لم يسلم
وفي نهاية الفصل الثاني -أيضًا- قبل إسدال الستار مباشرة:
الله إن أخذ القرى بفسوقها ... عصف الخلاف بها فكان قضاء
كذلك في نهاية الفصل الرابع:
واضيعة الإسلام إن لم تقهروا ... أهواءكم، واضيعة الإسلام!
وفي كثير من نهايات المشاهد.
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 143