اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 142
عن مظهر من مظاهر الحياة المصرية ذاتها، ولكن في القرن العشرين؛ ولذلك يكاد الإنسان ينسى أن هذه المسرحية تمثل لنا آخر عهد العرب بإسبانيا، ويخيل إليه أنها تصور لنا أحداثًا مصرية وشخصيات مصرية، وهذا في حد ذاته -بغض النظر عن الناحية الفنية- يمكن أن يكون مقبولا إذا أخذنا بأن مهمة الكاتب هي أن يلمس مشكلات المجتمع الذي يعيش فيه، وأن يصورها للناس بحيث يحملهم على تمثلها، ويثير فيهم الرغبة في إيجاد الحل أو الحلول لها، فهي من الناحية الاجتماعية إذن تؤدي هذه المهمة، وهي أن تجعل القارئ يحس بمشكلات الحياة في مصر في ذلك العهد. ولكن تحقيق هذا من خلال مسرحية تاريخية أمر من الصعوبة بمكان، يورط الكاتب في مزالق كبيرة من الناحية الفنية إذا لم يكن من المهارة الفنية على قدر كبير.
ومن أمثلة تصويره لواقع الحياة المصرية قوله:
الملك يلهو والحوادث حوله ... متظاهرات والخطوب سراع
والقصر تفهق بالخنا قاعاته ... ويبيت يروى إثمها ويذاع
والحكم فوضى، لبه وقوامه ... ذمم تسام رخيصة فتباع
والشعب مكدود القوى متحفز ... إن الضعيف يصول حين يراع
أو قوله:
يا دولة هوم أحراسها ... فاستشرت النيران في غابها
مخمورة يعبث سواسها ... والغاصب العادي على بابها
وكذلك:
قد رشوتم -أقولها- وارتشيتم ... واستباح المحارم الحكام
واتجرتم بالعدل فالأمر فوضى ... فحدود تطوى وأخرى تقام
.....إلخ.
وصور أخرى كثيرة من صميم الحياة المصرية آنذاك.
ووصف الدكتور طه حسين للمسرحية في مقدمتها بأنها مصرية أندلسية، أو أنها مصرية الموضوع، مصرية الأحداث، مصرية التصوير والأداء، يعد نقدًا قاسيًا أكثر مما هو إطراء. وأول ما يدل عليه أن القصة في المسرحية كانت مفككة ولم تأخذ الشكل المسرحي المطلوب, فهي لم تأخذ من التاريخ سوى الأسماء والأشكال، وما عدا ذلك فهو
اسم الکتاب : الأدب وفنونه - دراسة ونقد المؤلف : عز الدين إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 142