اسم الکتاب : شرح لامية العجم المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 101
وَقَدْ يُحْرَمُ الْجَلْدُ الْحَرِيصُ مَرَامَهُ ... وَيُعْطِى مُنَاهُ الْعَاجِزُ الْمُتَوَانِي
ومنه قول الآخر [1]: (من البسيط)
وَقد يُحرَمُ الجَلْدُ الحَريصُ مَرامهُ ... وَيُعطَى مُناهُ العاجِزُ المْتَوانِي
وقول الآخر [2]: (من البسيط)
قَد يُرزقُ المْرءُ لا مِنْ حُسنِ حِيلتهِ ... وَيُصرَف المال عَنْ ذِي الحيلةِ الدَّاهِي
واعلم ـ رحمك الله ـ أنّ الزمان مولع بخمول الأدباء، وخمود نار الأذكياء، كما أخنى على الفضلاء، وجَهِل قدر العلماء، ولو أردنا أن نذكر مَنْ اتّفق له ذلك لعجزنا عن ذكر ما هنالك فلنقتصر على ما ذكرنا من قول الشعراء.
لعلَّهُ إنْ بَدا فضلي ونقصُهُمُ ... لعينهِ نامَ عنهمْ أو تنبَّهَ لي
اللغة: بدا: ظهر، والفضل والنقص ضدان، وتنبه: أصله من الانتباه، الذي هو اليقظة.
الإعراب: لعل: حرف ينصب الاسم ويرفع الخبر، إنْ: حرف شرط، وبدا: فعل ماضٍ، وهو من ذوات الواو، وهو شرط، وفضلي: فاعل بدا، ونقصهم، الواو عطفت الاسم المرفوع على الاسم، لعينه، اللام هنا للتعدية، نام: جواب الشرط، لي: جار ومجرور، وخبر لعل الجملة من الشرط والجزاء، والتقدير لعل الحظ منصفي.
المعنى: أتمنى الحظ عساه إذا رأى فضلي، وعَلِم نقصهم أن ينام؛ فيسلبهم ما هم فيه، أو يتنبه لي، فيوفيني ما أستحقه، هيهات ضاع عمره، وفني زمانه، وانتهت مدته، وما نام عنهم، ولا تنبه له، نعم كان قد نام عنهم، ثم انتبه له؛ فأورده على ظمأ به جدول الحسام، وأعانت على قتله فضائله الجسام، ولكن الأمل / خُلق جبلت النفوس على إلفه، [58 ب] يزداد بنقص الإنسان، ويقوى بضعفه، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يشيب المرء وتشبّ معه خصلتان، الحرص وطول الأمل، وفي معنى قول الناظم: (من المتقارب)
عَمِرْتُ أَرُوضُ خُطُوبَ الزَّما ... نِ لَوْ أَنَّ جامِحَها يَسْتَقِيدُ (3)
وَما كانَ أَجْدَرَنِي بِالْعَلا ... ءِ لَوْ قَدْ تَنَبَّهَ حَظٌّ رَقُودُ
ولا بدّ للزمان من انتباهة للفضلاء بعد رقاده عنهم، قال الناظم [4]: (من البسيط)
لا تيأسَنَّ إِذا ما كنتَ ذا أَدبٍ ... على خمولِكَ أنْ ترقَى إِلى الفَلَكِ
بينَا تَرى الذهبَ الإبرِيْزَ مُطَّرَحاً ... في معدن إذ غدا تاجا على المَلِكِ
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها ... ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ [1] لابن الخياط الدمشقي أيضا، وهو في ديوانه (م). [2] البيت بلا عزو في الغيث المسجم 2/ 129
(3) البيتان لابن الخياط، ديوانه / (م). [4] الغيث المسجم 2/ 141
اسم الکتاب : شرح لامية العجم المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 101