اسم الکتاب : نثار الأزهار في الليل والنهار المؤلف : ابن منظور الجزء : 1 صفحة : 92
والريح شمال والرعد إذا أشتد لم يبق طائر على وجه الأرض واقفا إلا غدا فزعا، وإن كان يطير إلا رمى بنفسه إلى الأرض وكذلك الرعد تلقي له الحمامة بيضها، وليس التقبيل إلا للحمام والإنسان، ولا يدع ذكر الحمام ذلك إلا بعد الهرم. والفرخ يخلق من البياض ويتغذى بالصفرة ويتم خلقه لعشرة أيام والرأس وحده أكبر من سائر الجسد، ويبلغ من تعظيم الحمام لحرمة البيت أن أهل مكة عن أخرهم لم يروا فالحمام قط سقط على ظهر الكعبة إلا من على عرضت له فإن كانت هذه المعرفة اكتسابا فالحمام فوق جميع الطير وكل ذي أربع وأن كان إنما هم من طريق الإلهام ملك صاحبه
وكان المطلوب أكثر مالا وأشجع رجالا وأخصب بلادا وكان بينهما مسافة بعيدة فخافه الطالب على ملكه، فأستشار وزراءه فأشاروا عليه بآراء منها مصاهرة الملك والخطبة إليه ليستكفي بذلك شره فأظهر الملك خطبته وأرسل رسولا إليه وهدايا وأمر رسله أن يصانعوا جميع من يصلون إليه ودس رجالا من ثقاته وأمرهم باتخاذ الحمام ببلاده وتوطينهم واتخذ أيضا عند نفسه مثلهن فيرفعوهن من غاية إلى غاية إلى أن بلغ الغرض وجعل هؤلاء يرسلون من بلاد الملك والآخرون يرسلون من بلاد الملك الآخر، وأمرهم بمكاتبته بالخبر كل يوم وتعليق الكتب في أصول أجنحة الحمام فصار لا يخفى عليه شيء من أمر عدوه فأطعمه عدوه في التزويج وطاوله ليطلب غرته، ودس لحرسه رجالا فلاطفوهم حتى صاروا يبيتون بأبوابه، فلما وجدوا منه غرة كتبوا إليه بغرته فأتاه الخير من يومه فسار إليه بجند أنتخبهم بجامع الطرق ووثب أصحابه من داخل وهو وجنده من خارج ففتحوا الأبواب وقتلوا الملك وغلب على تملك المملكة فعظمته الملوك وهابوه وطار صيته بالحزم والكيد وأطاعوه وكان ذلك بسبب الحمام، قال الجاحظ
اسم الکتاب : نثار الأزهار في الليل والنهار المؤلف : ابن منظور الجزء : 1 صفحة : 92