اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 334
فارتجت لذلك اليوم البلاد، ونادى المناد، وكان يوم التلاق، وكشف عن ساق، وكسفت الشمس، وحشرت الوحوش، مكان مواطن الحشر،، وبدت الأسرار، وهلكت الأشرار وارتجت الأفئدة [1].
ونستنتج من هذه الموعظة بعض عوامل التأثير منها:
1 - وقوع الموعظة في مناسبتها، فإن الموعظة كانت بمناسبة تشييع جنازة، والنفوس في هذه الحالة تكون مستعدة لتلقي ما تذكر به في الموت والدار الآخرة.
2 - الصياغة البلاغية للموعظة، فمواعظ أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه تتميز بأسلوبها المؤثر في نفوس المدعوين، فمن الجوانب البلاغية في النموذج المذكور ما يلي:
أ- الاستعارة مثل قوله: فكأنما قد علقتم مخالب المنية، تشبيه الموت (المنية) بحيوان مفترس له مخالب، فحذف المشبه به وأبقى شيئًا من لوازمه وصفاته وهو المخالب.
ب- السجع العفوي غير المتكلف: مثل قوله: فإن الدنيا لا يدوم نعيمها، ولا تؤمن فجائعها، غرور حائل، وسند مائل.
جـ- الصيغ الإنشائية [2]، وهي مبثوثة في الخطبة كلها منها: ما تبكون؟ استفهام .. (اتعظوا عباد الله بالعبر) نداء .. (اتعظوا، اعتبروا، وازدجروا، وانتفعوا) كل هذا على سبيل الأمر.
د- جزالة الألفاظ: لعل أي جزء من الخطبة يكون شاهدًا عليها، لأن الخطبة كلها لا خلل فيها ولا ضعف.
3 - اعتماد المضمون على القرآن الكريم وانتهاجها منهجه في الإرشاد والإقناع، كقوله: «كل نفس معها سائق يسوقها لمحشرها، وشاهد يشهد عليها بعملها» اعتمادًا على قوله تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق:21]. [1] حلية الأولياء لأبي نعيم (1/ 78)، صفة الصفوة (1/ 328). [2] الكلام الذي لا يحتمل التصديق والتكذيب.
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 334