responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 323
أدى بهم الأمر إلى الغلو والمبالغة في الإطراء، حتى جعلوا المسيح عليه السلام إلهًا، وقد حذر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه من ذلك فقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله» [1]، فإذا كان الحال من النهي في التعلق بقبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو أكرم الخلق على الله، وهو سيد الأولين والآخرين، وأفضل الخلق أجمعين، وأرجى الشفعاء عند الله يوم الدين، فما بالك بقبور الأموات من دونه من الأولياء والصالحين، فتكون مخالفة نهيه في ذلك باتخاذ قبورهم أعيادًا، داخلة في الشق الثاني من الحديث، وهو ما يقرب إلى من يخالف نبيه في قوله عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63].
فهذا هو هدى خير القرون، فمن خالفهم زاعمًا أنه أتى بطاعة وقربة، فلا يخلو حاله من أمرين، إما أنه جاء ببدعة ظلمًا، وأما أن يكون مدعيًا أنه فاقهم فضلاً وعلمًا، بل كان الإمام مالك رحمه الله تعالى يقول: من أحدث في هذه الأمة شيئًا لم يكن عليه سلفها، فقد زعم أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خان الدين، لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:[3]]، فما لم يكن يومئذ دينًا، لا يكون اليوم دينًا [2]، وكان يقول: السنة سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق [3].
إن إقامة (المزارات) عبادة لم يفعلها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا أصحابه، بل نهى عنها، ومخالفته من الإحداث في الدين الذي ينتهي بصاحبه إلى الضلال كما أخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،فقد كان مما خطب به في كل جمعة محذرًا: أما بعد .. فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة [4] , وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد» [5].
إن جمع الناس في يوم معين على الدوام، في مكان ما، تشد إليه الرحال من كل حدب وصوب للعبادة، لا يجوز إلا فيما شرعه الله تعالى من إقامة النُّسك في مكة، وعرفة،

[1] البخاري رقم (3345).
[2] الاعتصام للشاطبى (2/ 53).
[3] الغلو في الدين للغريانى، ص (109).
[4] مسلم: رقم (867).
[5] البخاري: 2697.
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 323
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست