اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 324
ومنى، والمزدلفة، وفي صلوات الأعياد والجمعة والجماعة، وهي الشعائر التي أمر الله تعالى بتعظيمها، وإقامتها، وأثنى على أهلها بقوله تبارك وتعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32]، وإحداث مشهد آخر غير ما ذكر، في يوم من السنة، من الإحداث في الدين، لأنه إحداث عبادة ونسك لم يشرعها الله تعالى، فإن هذه المزارات صارت عند العامة كالنسك، يجتمع إليها الناس في يوم من السنة معلوم للذبح والعبادة، وتشد إليها الرحال، وهذا في ذاته أمر مذموم، فإن الطاعات المطلقة المندوب إليها في كل وقت، إذا خصص شيء منها بليلة معينة، أو يوم معين، أو مكان معين، لم يخصصه الشرع به، واعتقد أن لفعلها في ذلك الوقت المعين، أو المكان المعين، أثرًا خاصًا في البركة، أو رفع الدرجات، أو قبول العمل، أو تعظيم الأجر، تحولت تلك الأعمال التي هي من جنس الطاعات إلى بدعة بالاتفاق، لأن ترتيب الثواب على الأعمال، أمر توقيفي لا يكون إلا من الشارع، وقد جر هذا إلى مفاسد عظام، منها اعتقاد العامة في أصحابها الذين بنيت عليهم القباب خلافًا لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاعتقدوا فيها الضر والنفع، وقضاء الحوائج، وتقربوا إليها بالذبائح والقرابين في يوم معلوم من السنة، عند إقامة المزار، وتوددوا إليها بعد ما أشاعوا حولها أن من ساق إليها الحيوان ليذبح في ذلك اليوم، وكانت له حاجة يرجوها من ربه، مثل ولد إن كان لا يلد، أو شفاء مرض إن كان مريضًا - لا يرجع إلا بها، فصارت ملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما سأله العباد من ربهم واستغاثوا بها، وظنوا أن حوائجهم تقضي لهم من ربهم بواسطتها وعن طريقها، حتى صاروا يذبحون عندها، لاستنزال المطر إذا تأخر المطر، معرضين عن كتاب
الله وهدى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي أمر بالتوبة والاستغفار والدعاء والصلاة طلبًا للسقيا، وقد ينزل المطر بعد ذبحهم، استدارجًا وابتلاء، ولكن عملهم لا يزال من أعمال الشياطين، ومعتقدات الجاهلية [1]، فإلى الله المشتكي. [1] الغلو في الدين، ص (111، 112).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 324