اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 135
فأشار جمهورهم بالخروج إليه فخرج إليهم، وشاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ فأبى عليه السعدان (سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة) فترك ذلك، وشاورهم يوم الحديبية أن يميل على ذراري المشركين، فقال أبو بكر: إنا لم نجئ لقتال، وإنما جئنا معتمرين، فأجابه إلى ما قال [1]. وفي حوادث كثيرة يطول ذكرها، فقد كان عمر- رضي الله عنه- يطمع أن يأخذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برأيه في مناجزة قريش وقتالهم، ولهذا راجعه في ذلك، وراجع أبا بكر، فلما رأى اتفاقهما أمسك عن ذلك وترك رأيه، فعذره رسول الله لما يعلم من حسن نيته وصدقه [2].
أما توقف الصحابة عن النحر والحلق حتى نحر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحلق، فليس معصية لأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد ذكر العلماء له عدة توجيهات، قال ابن حجر: قيل: كأنهم توقفوا لاحتمال أن يكون الأمر بذلك للندب، أو لرجاء نزول وحي بإبطال الصلح المذكور، أو تخصيصه بالإذن بدخولهم مكة ذلك العام لإتمام نسكهم، وسوغ لهم ذلك لأنه كان زمان وقوع النسخ، ويحتمل أنهم ألهتهم صورة الحال فاستغرقوا في الفكر لما لحقهم من الذل عند أنفسهم، مع ظهور قوتهم واقتدارهم في اعتقادهم على بلوغ غرضهم، وقضاء نسكهم بالقهر والغلبة، أو أخروا الأمتثال لاعتقادهم أن الأمر المطلق لا يقتضي الفور، ويحتمل مجموع هذه الأمور لمجموعهم [3] , وجاء في بعض الروايات أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما رأى عدم امتثالهم دخل على أم سلمة فذكر لها ذلك فقالت: يا رسول الله لا تكلمهم فإنهم دخلهم أمر عظيم مما أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصلح ورجوعهم بغير فتح [4] , فأشارت عليه كما جاء في رواية البخاري: أن أخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج لم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا [5] , [1] تفسير ابن كثير (1/ 420) عند تفسير قوله: «وشاورهم في الأمر». [2] الانتصار للصحب والآل: ص (226). [3] فتح الباري (5/ 347). [4] فتح الباري (5/ 347). [5] فتح الباري (5/ 347).
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 135