responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 136
قال ابن حجر: ويحتمل أنها فهمت عن الصحابة أنه احتمل عندهم أن يكون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرهم بالتحلل أخذًا بالرخصة في حقهم، وأنه يستمر على الإحرام أخذًا بالعزيمة في حق نفسه، فأشارت عليه أن يتحلل لينتفى عنهم هذا الاحتمال، وعرف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صواب ما أشارت به ففعله .. ونظير هذا ما وقع لهم في غزوة الفتح من أمره لهم بالفطر في رمضان، فلما استمروا على الامتناع، تناول القدح فشرب، فلما رأوه شرب شربوا [1].
وهذا الوجه حسن، وهو اللائق بمقام أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما أمرهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالتحلل ولم يفعل، ظنوا أن الذي حمله على هذا هو الشفقة عليهم، كما كانت سيرته معهم، فكأنهم - رضي الله عنهم - آثروا التأسى به على ما رخص لهم فيه من التحلل، ثم لما رأوه قد تحلل أيقنوا أن هذا هو الأفضل في حقهم، فبادروا إليه، وهذا مثل ما حصل منهم في الحج مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما بلغوا مكة وطافوا وسعوا أمرهم أن يحلوا، وأن يصيبوا النساء ويجعلوها عمرة، فكبر ذلك عليهم لتعظيمهم لنسكهم، وقالوا: نذهب إلى عرفة ومذاكيرنا تقطر من المنى، فلما علم بذلك الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان لم يتحلل، قال لهم: «أيها الناس أحلوا فلولا الهدى الذي معي فعلت كما فعلتم» قال جابر- رضي الله عنه- راوى الحديث: فحللنا وسمعنا وأطعنا [2] , وهذا كله من حرص أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الخير والرغبة في التأسى برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التأسى الكامل [3].
إن موقف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سكوته على عمر رضي الله عنه عندما عارضه على الصلح يعطي قيمة كبرى بأنه على القيادات الإسلامية من حكام وعلماء ودعاة أن يتحلوا بسعة الصدر وحسن الاستماع للرأي الآخر. وإعطاء المجال لكل ذي رأي أن يعبر عن رأيه بما يخدم المصلحة العامة، لا أن يفتح السجون ويكمم الأفواه.

[1] البخاري، ك الشروط 2732.
[2] البخاري، ك الاعتصام رقم 7367.
[3] الانتصار للصحب والآل: ص (268)، وهذا من أفضل الكتب في الرد على بعض شبهات الروافض.
اسم الکتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست