اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 329
الجيش [1]، وأمره بالذهاب إلى الشام، وجاء في خطاب الصديق لخالد: أنْ سِرْ حتى تأتي جمع المسلمين باليرموك؛ فإنهم قد شجوا وأشجوا، وإياك أن تعود لمثل ما فعلت، فإنه لم يشج الجموع من الناس بعون الله شجاك، ولم ينزع الشجى من الناس نزعك، فليهنئك أبا سليمان النية والحظوة فأتمم يتم الله لك، ولا يدخلنك عُجْب فتخسر وتخذل، وإياك أن تدل بعمل؛ فإن الله له المن وهو ولي الجزاء [2].
هذا الخطاب الجليل من الخليفة الحكيم - رضي الله عنه - يصور مدى حرص الصديق - رضي الله عنه - على القواد الناجحين، فيمدهم بالمشورة والنصائح التي تأخذ بيدهم إلى الفوز والتمكين بفضل الله ..
أ- يأمر الصديق - رضي الله عنه - سيف الله خالدًا أن يترك العراق ويتوجه إلى الشام لعل الله يفتح على يديه هذا الموقع.
ب- ينصحه ألا يعود في مثل ما حدث، في حجه بدون إذن من الخليفة.
ج- يأمره أن يسدد ويقارب ويجتهد مخلصًا النية لله وحده.
د- يحذره من العجب بالنفس والزهو والفخر، فذلك حظ النفس الذي يفسد العمل على العامل ويرده في وجهه، كما يحذره أن يدل ويمن على الله بالعمل الذي يعمله؛ فإن الله هو المانُّ به؛ إذ التوفيق بيده سبحانه. (3)
هذا وقد ظهرت في معارك العراق مقدرة الجيوش الإسلامية على تطبيق مبادئ الحرب، من مباغتة وصد الهجوم وتثبيت الأعداء، وحشد القوات، وإدامة المعنويات وجمع المعلومات، ورسم الخطط وتنفيذها بكل قوة ودقة واحتياط منقطع النظير، فهو لم يذهب إلى الشام لمجاهدة الروم إلا بعد خبرة واسعة في فتوحات العراق، وكان المرشح للبقاء على جيوش العراق بعد سفر خالد المثنى بن حارثة الشيباني لخبرته الواسعة بأرض العراق، ومهارته الفائقة في حرب الفرس، ويظهر للباحث أن الخطط التي وضعها خالد في حروب العراق كانت تعتمد على الله ثم على جمع المعلومات الدقيقة التي تدل على نشاط مخابراته واستكشافاته في الميدان، والذي يبدو أن هذه المخابرات قد قام بتنظيمها [1] البداية والنهاية: 6/ 357. [2] تاريخ الطبري: 4/ 202.
(3) تاريخ الدعوة إلى الإسلام: ص 295.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 329