اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 328
وهكذا واجه المسلمون لأول مرة جيشًا مكونا من الفرس الذين يمثلون دولة المشرق العظمى، والروم الذين يمثلون دولة المغرب العظمى، والعرب الموالين لهؤلاء وهؤلاء، ومع ذلك انتصر المسلمون عليهم انتصارًا ساحقًا، ولا شك أن هذه المعركة تعتبر من المعارك التاريخية الفاصلة، وإن لم تنل من الشهرة ما نالته المعارك الكبرى؛ لأنها حطمت معنويات الكفار على مختلف انتماءاتهم حيث هزموا جميعًا، وهذه المعركة تعتبر خاتمة المعارك التي خاضها سيف الله المسلول خالد بن الوليد - رضي الله عنه - في العراق [1]، وانكسرت شوكة الفرس بعد هذه المعركة، ولم تقم لهم قوة حربية يخشاها الإسلام بعد هذه الموقعة [2].
ومما قاله القعقاع بعد عمرو في هذه المعركة:
لقينا بالفراض جموع روم ... وفرس غَمَّها طول السلام
أَبَدْنَا جمعهم لما التقينا ... وبيَّتنا بجمع بني رزام
فما فتئت جنود السلم حتى ... رأينا القوم كالغنم السوام (3)
ثالثا: حجة خالد وأمر الصديق له بالخروج إلى الشام، وتسلم المثنى لقيادة جيوش العراق:
1 - حجة خالد «12 هـ» وأمر الصديق له بالخروج إلى الشام:
أقام خالد بالفراض عشرة أيام، ثم أذن بالقفول إلى الحيرة لخمس بقين من ذي القعدة، وأمر عاصم بن عمرو أن يسير في المقدمة، وأمر شجرة بن الأعز أن يسير في الساقة، وأظهر خالد أنه يسير في الساقة، ثم انطلق في كوكبة من أصحابه وقصد شطر المسجد الحرام وسار إلى مكة في طريق لم يُسلك قبله قط وتأتى له في ذلك أمر لم يقع لغيره، فجعل يسير معتسفًا على غير جادة حتى انتهى إلى مكة، فأدرك الحج هذه السنة «12 هـ»، ثم عاد فأدرك أمر الساقة قبل أن يصلوا الحيرة، ولم يعلم أبو بكر الصديق بذلك أيضًا إلا بعدما رجع أهل الحج من الموسم، فبعث يعتب عليه في مفارقته [1] التاريخ الإسلامي: 9/ 173. [2] خالد بن الوليد: ص 36.
(3) معارك خالد بن الوليد ضد الفرس، عبد الجبار السامرائي: ص 123.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 328