اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 327
فسبق إليه وهو في ذلك في بعض الخيل فضرب رأسه، فإذا هو في جفنته وأخذنا بناته وقتلنا بنيه [1].
وقد قتل في هذه المعركة رجلان كانا قد أسلما ومعهما كتاب من الصديق بالأمان، ولم يعلم بذلك المسلمون فلما بلغ خبرهما الصديق وداهما وبعث بالوصاة بأولادهما، وقال فيهما الصديق: كذلك يلقى من يساكن أهل الحرب في ديارهم؛ أي الذنب لهما في مجاورتهما المشركين [2].
11 - وقعة الفِراض:
بعد أن بسط خالد راية الإسلام على العراق، واستسلمت له قبائل العرب قصد الفِرَاض، وهي تخوم الشام والعراق والجزيرة؛ حتى يحفظ ظهره ويأمن من أن تكون وراءه عورة عند اجتيازه أرض السواد إلى فارس، فلما اجتمع المسلمون بالفراض غضب الروم وهاجوا واستعانوا بمن يليهم من مسالح الفرس، فلبسوا سراعًا لأنهم كانوا حانقين على المسلمين الذين أذلوهم وكسروا شوكتهم، كما استمدوا العرب من تغلب وإياد والنمر فأمدوهم؛ لأنهم لم ينسوا بعد مصرع رؤسائهم وأشرافهم. فاجتمعت جيوش الفرس والروم والعرب على المسلمين في تلك الموقعة، فلما بلغوا الفرات قالوا للمسلمين: إما أن تعبروا إلينا وإما أن نعبر إليكم، فقال خالد: بل اعبروا إلينا، قالوا: فتنحوا حتى نعبر، فقال خالد: لا نفعل ولكن اعبروا أسفل منا، وذلك للنصف من ذي القعدة سنة اثنتي عشرة. فقالت الروم وفارس بعضهم لبعض: احتسبوا ملككم، هذا رجل يقاتل على دين وله عقل وعلم، والله ليُنْصرن ولنُخْذَلَن، ثم لم ينتفعوا بذلك، فعبروا أسفل من خالد، فلما تتاموا قالت الروم: امتازوا حتى نعرف اليوم ما كان من حسن أو قبيح من أينا يجيء! ففعلوا فاقتتلوا قتالا شديدًا طويلاً، ثم إن الله -عز وجل- هزمهم، وقال خالد للمسلمين: ألحوا عليهم ولا ترفهوا عنهم، فجعل صاحب الخيل يحشر منهم الزمرة برماح أصحابه فإذا جمعوهم
قتلوه، وقتل من الأعداء عشرات الألوف، وأقام خالد في الفراض عشرة أيام،
ثم أمر بالرجوع للحيرة [3]. [1] تاريخ الطبري: 4/ 199. [2] البداية والنهاية: 6/ 356. [3] تاريخ الطبري: 4/ 201.
اسم الکتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 327