اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 148
دعاة إلى الله، كما رأينا في سيرة مرتضى فركاش، وأبو بكر بوحدوث وغيره، واهتم بتوصيل الدعوة إلى الإحياء البدوية، ونظم أمر الدعاة المكلفين بهذه المهمة، وحرص على أن يضرب أروع الأمثلة في العفة، والاستغناء عما في أيدي الناس من متاع الدنيا، وقام بإرسال الكثيرين من المرشدين والوعاظ إلى مواطن البدو البعيدة، فكان يرسل بعض إخوانه إلى جهات خاصة، ويحدد لهم مدة عملهم ثم يرسل بمن يخلفهم، ليعود الأوائل لأخذ الراحة.
وكانت احدى البعثات مؤلفة من السيد مرتضى فركاش، حسين الغرباني، فقاما بالدعوة إلى الله بين القبائل، ومن شدة فرح البدو بهم أهدوا إليهم هدايا من الأبل والبقر والغنم، ولما أكملوا مدتهم ورجعوا إلى ابن السنوسي، وعلم بما حدث احمر وجهه، وظهرت على وجهه علامات التأثر، وقال لهما ماجئت لاجمع مالاً ولا لأرغب الدنيا ولم أرسلكما لتجمعا لي مالاً ولكنني جئت لأنشر علماً وديناً، فارجعا بكل ما معكما لتسلمانه إلى أصحابه بالعدد، وقال لدعاته: " لاتشقا على أحد ولا أود أن يتكلف أحد بضيافتكما فخذا أمتعتكما وكل مايلزمكما ولاتتقبلا من الأهالي شيئاً إلا (الزبدة) واللبن (الممخوض).
وقام الشيخان مرتضى فركاش، وحسين الغرياني، بإرجاع الهدايا إلى أصحابها، فكل من يعطيانه ماكان جاد به يتكدر ويتأثر ويقول لعل ابن السنوسي رفض قبول ماقدمته لشيء في نفسه عني، فيقنعانه بأن ابن السنوسي تمام رضاه في أن تقبل ماجدت به وأن ترسل بابنك إلى الزاوية ليتعلم وان تحضر معنا دروس الوعظ والإرشاد [1]، وانتشر بين البدو أن ابن السنوسي أمر دعاته بأن لايشقا على أحد في اكرامهما، فتحايل البدو في إكرام الدعاة إلى الله، فأسلوب ابن السنوسي لم يقتصر على الزوايا، بل أرسل الدعاة إلى القبائل البعيدة لتعم دعوة الإسلام المباركة كل الناس [2] واستطاع ابن السنوسي أن يقنع القبائل البدوية بأهمية الدعوة إلى الله، [1] انظر: برقة امس واليوم، ص165. [2] انظر: برقة أمس واليوم، ص166.
اسم الکتاب : الثمار الزكية للحركة السنوسية في ليبيا المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 148