اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 508
لمشكلة الفقر كان يطبق في المجتمع الإسلامي عبادة لله! ويوم كانت {وعاشروهن بالمعروف} عبادة، لم تكن للمرأة المسلمة قضية، لأن كل الحقوق والضمانات التي أمر الله لها بها كانت تؤدى إليها طاعة لله، وعبادة لله! .. ) [1].
لقد كان الانحراف عن مفهوم العبادة الشامل من أسباب إفساح المجال في العصور المتأخرة للدولة العثمانية لشيوع المذهب العلماني، وهيمنة الشعارات العلمانية على كثير من الأقاليم التابعة للدولة العثمانية.
ثالثاً: انتشار مظاهر الشرك والبدع والخرافات:
إن الدولة العثمانية في القرنين الأخيرين كانت غارقة في كثير من مظاهر الشرك والبدع والخرافات، وحدث انحراف في توحيد الألوهية انحرافاً رهيباً، وغشيها موج من الظلام والجهل حجب عنها حقيقة الدين وطمس فيها نور التوحيد وعدل بها عن صراطه المستقيم [2].
يوم كانت الدولة العثمانية محققة للتوحيد، وتمارس مفهوم العبادة الشامل، وتحارب الشرك كانت في ذروة التمكين والعز والنصرة من الله تعالى، فهذا السلطان مراد الأول وهو في سكرات الموت بعدما طعنه جندي صربي يودع الدنيا بمعاني عميقة في التوحيد، وكلمات جامعة على التوحيد المنافي للشرك فيقول " لايسعني حين رحيلي إلا أن أشكر الله إنه علام الغيوب المتقبل دعاء الفقير، أشهد أن لا إله إلا الله، وليس يستحق الشكر والثناء إلا هو، لقد أوشكت حياتي على النهاية ورأيت نصر جند الإسلام، أطيعوا ابني يزيد، ولاتعذبوا الأسرى ولاتؤذوهم ولا تسلبوهم وأودعكم منذ هذه اللحظة وأودع جيشنا الظافر العظيم إلى رحمة الله فهو الذي يحفظ دولتنا من كل سوء " [3].
أما السلطان مراد الثاني فقد ترك وصيته: (فليأت يوم يرى الناس فيه ترابي) [4]. لقد كان قلقاً يخشى أن يدفن في قبر ضخم، وكان يريد ألاّ يبنى شيئ على مكان دفنه.
لقد كان السلاطين الأوائل تتفجر معاني التوحيد في كلماتهم وتنعكس على أعمالهم وانتشرت تلك المفاهيم في الشعب العثماني قاطبة، أما في العصور المتأخرة فقد تغير الحال، [1] انظر: مفاهيم يجب أن تصحح لمحمد قطب، ص249. [2] انظر: الانحرافات العقدية والعلمية (1/ 271). [3] انظر: الفتوح الاسلامية عبر العصور، ص391. [4] انظر: العثمانيون في التاريخ والحضارة، ص346.
اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 508