اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 455
لقد تغلغلت خلايا (الاتحاد والترقي) في وحدات الجيش، وبين موظفي الدولة من المدنيين، واتحدا في العمل الموحد بعد اتفاق جناحيهما العسكري والمدني في باريس، للعمل الفعلي ضد السلطان عبد الحميد. واستطاعت الجمعية بالفعل إجبار السلطان في 24 يوليو 1908م على إعلان الدستور الذي كان قد أمر سابقاً عام 1877م بوقف العمل به [1].
وكان الفكر السياسي لجمعية الاتحاد والترقي يؤكد على المفاهيم الطورانية على المستويين الداخلي والخارجي، والطورانية تسمية تشير الى وطن الأتراك الأصلي ونسبته الى جبل توران الواقع في المنطقة الشمالية الشرقية في إيران [2] وكان داخل حركة الاتحاد والترقي اتجاهاً قوياً يؤكد أن الترك هم من أقدم أمم الأرض وأعرقها مجداً وأسبقها الى الحضارة، وأنهم هم والجنس المغولي واحد في الأصل، ويلزم أن يعودوا واحداً ويسمون ذلك بالجامعة الطورانية ولم يقتصرا فيها على الترك الذين في سيبريا وتركستان والصين وفارس والقوقاز والأناضول وورسيا وكان شعارهم عدم التدين وإهمال الجامعة الاسلامية إلا إذا كانت تخدم القومية الطورانية، فتكون عندئذ وسيلة لاغاية وهذا يعني أن هذا الاتجاه يدعوا الى إحياء عقائد الترك الوثنية السابقة على أسلافهم، كالوثن التركي القديم (بوزقورت) أو الذئب الأبيض -الأسود الذي صوروه على طوابع البريد ووضعوا له الأناشيد وألزما الجيش أن يصطف لإنشادها عند كل غروب، وكأنهم يحلون تحية الذئب محل الصلاة، مبالغة منهم في إقامة الشعور العرقي محل الشعور الاسلامي.
ويستشهد هؤلاء برجالاتهم في التاريخ أمثال: أتلاو وطغرك، جنكيزخان وتيمورلنك.
وقد تطرف هذا الاتجاه في الطورانية، إذ قالوا: (نحن أتراك فكعبتنا طوران). وهم يتغنون بمدائح جنكيز، ويعجبون بفتوحات المغول، ولا ينكرون شيئاً من أعمالهم، وينظمون الأناشيد للأحداث في وصف الوقائع الجنكيزية ليطبعوهم على الإعجاب ويرفعوا مستوى نفوسهم بزعيمهم ويمثل هذا الاتجاه كل من فياكوك الب [3] ويوسف أقثور وجلال ساهر ويحيى كمال وحمدالله صبحي ومحمد أمين بك الشاعر، وكثير من الأدباء والمفكرين وأكثر الطلبة والنشئ الجديد. [1] المصدر السابق نفسه، ص281. [2] أنظر: اليهود والدولة العثمانية، ص163. [3] أنظر: اليهود والدولة العثمانية، ص165.
اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 455